آراؤهم

مجلسنا يفتقد مقومات التشريع

من ينظر إلى الخريطة التشريعية للمجلس الحالي والمجالس السابقة، ويقارنها بفصول تشريعية مطلع التسعينات وقبل ذلك التاريخ، يجد أن الحياة التشريعية أصابها الصدأ بعدما تخلى النائب ومن قبله الحكومة عن أهم الأدوار المناطة بهما، والمتمثلة في صناعة القوانين لمعالجة الاختلالات وسد الثغرات القائمة في القوانين محل التعديل.
القارئ الجيد للقوانين التي أقرت في آخر خمسة فصول تشريعية يجد أن أغلبها تعيبها اللغة الدستورية الركيكة بجانب عيوب الصياغة، وعدم الانضباط اللغوي والذي يؤول لأكثر من معنى.

فأغلبية تلك التشريعات تحتاج إلى تفسير، نظرا لعدم وضوح مذكرتها التفسيرية، والتي هي ركن أساسي في القانون وغالبا ما يتجاهل أغلب النواب صياغة مذكرة إيضاحية بالشكل الذي يجب أن تكون عليه، وعادة ما يتعاملون معها على أنها أمر ثانوي.

يضاف إلى ذلك أن أغلبية القوانين الصادرة تفتقد أيضا لباب التعريفات والمصطلحات الذي عادة ما يكون الباب الأول في كل مقترح بقانون، وهدفه تطويع القانون للتطبيق بمصطلحات تعريفية واضحة بعيدة عن أي لبس أو تداخل في المهام بين مصطلح وآخر.

إن التعارض مع الدستور أصبح سمة أغلب قوانين المرحلة، ولذلك لم يستغرب متابعي المجلس أن يعلن النائب السابق صالح الملا في آخر حملاته الانتخابية منذ خمس سنوات عن تشكيله لجنة برلمانية لرصد القوانين التي تتعارض مع الدستور ومحاولة الغائها.

وفي الفترة الأخيرة وفقا لآراء دستورية لها ثقلها،ازدادت تلك القوانين خاصة تلك التي استهدفت الحريات العامة والأخرى التي افتقدت للمساواة على عكس ما نص عليه الدستور في مادته رقم (29).

ومع أن المجالس النيابية مهمتها الأولى التشريع، لكن في الكويت انصرف أغلبية النواب عن التشريع إلى أساليب أخرى لاعتقادهم أنها “أسهل وأسرع” من الوقت الطويل الذي يحتاج إليه اقرار القانون.

التشريع في مجلس الأمة مهمة شاقة ويحتاج إلى دورة تشريعية طويلة قد تصل إلى سنوات وليس شهور، تبدأ أولا بالفكرة،ثم الصياغة ومن بعدها مرحلة جمع التواقيع النيابية، ثم الذهاب إلى اللجنة التشريعية ليأخذ دوره، ويتم مناقشته والتصويت عليه.

بعد ذلك يأتي دور تقرير اللجنة التشريعية التي ترفعه إلى اللجنة المختصة فيأخذ دوره على جدول أعمالها ثم يرفع بتقرير إلى المجلس ليدرج على جدول أعمال الجلسات وفقا لتسلسله، وينتظر التصويت عليه في مداولتين، ثم نشره في الجريدة الرسمية ومن قبله مصادقة سمو الأمير عليه واحالته للحكومة، وبعدها انتظار لائحته التنفيذية من الوزير المختص.

بقلم/ فوزية أبل