آراؤهم

الزمان ما هو زماني

الزمان ما هو زماني

في خضم الاحداث التي تمر فيها الأمة والأزمات المتتالية من كل حدب وصوب والتنازلات التي نشاهدها، والتخلي الكثير عن مبادئ العزة والكرامة، ترجل فارسها شيخ مشايخ قبيلة شمر صاحب المبادئ والنخوة والعزة الشيخ محسن بن عجيل الياور بن عبدالعزيز بن فرحان باشا بن صفوق المحزم الجربا.

برفقة والدي أطال الله في عمره قمنا بزيارة الشيخ محسن عام ٢٠١١ في مقر اقامته في لندن، فكان رحمه الله يملك كاريزما خاصة رجل شريف عزيز النفس يملك قيّم العرب من النخوة والفزعة والرجولة، فدار الحديث حول عدة قضايا من موقفه الرافض للغزو العراقي لدولة الكويت الحبيبة على الرغم بأن كانت تربط عائلته علاقات تاريخية مع النظام العراقي ولكن النخوة ثارت من حنايا صدره بأن لا يغدر بجاره واخوانه مهما كانت الأسباب، خرج من العراق رافضا كل عروض النظام العراقي البائد ثم استقر في المهجر بالعاصمة البريطانية لندن. سئل ذات يوم لماذا رفضت كل العروض التي وصلتك من دول الخليج بأن تقيم فيها فقال الكلمات المشهورة: “بأن الزمان ما هو زماني” أخاف ينخاني أحد أبناء شمر الفزعة ولا أستطيع أن أفعل له شيء” وهو الذي أطلق عليه “الذيب الأحمر” عندما يطلب الفزعة من أي شخص ينهض إلى مساعدته ونجدته. ينخاني أي يطلبني.

أستقر في لندن مدينة الضباب ولا زال يستذكر تاريخ عائلته ومجدهم المشرق والماضي المشرف، يستذكر نضال والده الشيخ عجيل الياور في ثورة العشرين ضد الاحتلال الإنجليزي الذي يعتبر هو أول من دخل قلعة تلعفر في ٤/٦/١٩٢٠م لطرد الانجليز منها، ووقوفه في صف العثمانيين ضد الدول العظمى. ويستذكر الذيب الأحمر مساهمة والده في صياغة الدستور العراقي عام ١٩٢٤م عندما أنتخب عن لواء الموصل للمجلس التأسيسي. في لندن حيث استقر مع عائلته لم ينسى زيارته لها وهو في سن الحادي عشر برفقة والده عندما دعته الحكومة البريطانية عام ١٩٣٧م للمشاركة في تتويج الملك جورج السادس والد الملكة اليزابيث في بريطانيا، لم ينسى تاريخ عائلته ودورهم السياسي ومكانة والده الدبلوماسية وقوة شخصيته التي حاولت الدول العظمى المتصارعة بأن يكون بصفها من ناحية ودعوة هتلر له من ناحية أخرى في الحرب العالمية الثانية ولكنه رفض دعواتهم.

الشيخ عجيل الياور الذي حمل لقب (الياور)، وهي كلمة تركية تعني المساعد أو النائب وأنسحب هذا الاسم على أبنائه الذي أسسهم ي ميادين النضال الثوري ضد المستعمر وفي الميادين السياسية لصناعة العراق الحديث يقول عنه المؤرخ العراقي عباس الزواوي “شاهدته امرأ نظيفا، عاقلا كاملا، حسن المعاشرة من كل وجه، وقد اتصلت به كثيرا فلم أعثر على ما يمل منه، بل كان هنالك لين الجانب ومُجمل ما يسعني أن أقوله هو أنه جامع لصفات العرب النبيلة”.

عاش الشيخ محسن العجيل شامخا ومات شامخا وانتهت مرحلة من مراحل التاريخ الطويل الذي أسسوه مليئة بالأحداث والوقائع، قد يموت الإنسان ولكن يخلد خلفه تاريخ وأمجاد وأسم لن يموت ويعتبر دروس للأجيال المتعاقبة.

محمد خليف الثنيان
بريطانيا
@mohmmad_khulaif