آراؤهم

معرض الكتاب عرسٌ أدبي أم احتفاء بمشاهير “التواصل الاجتماعي؟”

بشوقٍ كبيرٍ وبشغفٍ عظيم وبحماسٍ لا متناهي قررت الذهاب لمعرض الكتاب بعد غيابٍ طويلٍ لظروفٍ ما، لا سيما بعد أن أصبح ذلك المعرض مادة إعلامية زخمة للإعلام المحلي والخليجي وبعدما أبهرني ذلك الابداع في الاعلان عن المعرض في جميع وسائل التواصل الاجتماعي… فقرت العودة لعالمي الجميل ، العالم الذي لطالما أحببته وعشقته وطالما احتضنني واحتواني وأنا ألوذ به هاربةً من صخب الحياة وقسوة الزمن وازعاج البشر ، العالم الذي سطر لي كل حرف فيه تجربةً علمتني وحكايةً أفادتني ودروساً وجهتني ، هو العالم الذي أدين له بعد الله بما أنا عليه من حصيلةٍ فكريةٍ و ثقافيةٍ متواضعة، عالمٌ قد أيقظ أمماً من سباتٍ عميقٍ في غياهب الجهل والظلام وجعلها في الصفوف الأولى لركب الحياة… وبالفعل ذهبت بكل شوق وشغف للمشاركة في ذلك العرس الأدبي والاحتفال السنوي مقتنصةً الفرصة في الاستفادة الشخصية وممارسة هواية أعشقها، والاطلاع على أهم الإصدارات والتطورات في حقول العلوم والأدب التي تهمني.
فبدأت رحلة البحث في المعرض ،منبهرةً بذلك الكم من دور النشر المشاركة في المعرض وذلك التنظيم الجميل في البحث عن روابط الكتب لكل دار. ومما لفت نظري هو ذلك الابداع في اصدارات الطفل وتخصيص قاعةً مستقلةً لتلك الاصدارات والتركيز على الألعاب التربوية والأنشطة اليدوية. كانت دار كلمات من أكثر دور النشر التي جذبت الأطفال والكبار أيضاً من خلال زاوية جميلة أقامتها وحوت على شخصية الجاحظ واصداراته بطريقة مرئية ومقروءة مشوقة.
كما لاقت كتب التنمية البشرية اقبالا وحظوظا كبيرة في المعرض لنظرا لتنوعها المتقن ولأنها حقل له الكثير من الرواد والقراء في وقتنا الحالي.وكذلك أيضا بالنسبة للاصدارات الدينية .
وفي لحظة ما أحسست بالغربة ، هل لأني افتقدت وجود الأدباء في المعرض بعد أن تحول المعرض من عرس أدبي إلى احتفاء بوجود مشاهير التواصل الاجتماعي ليس فقط للتغطية الاعلامية بل لأن الكثير منهم أصبح مؤلفا وكاتبا ويملك اصداراتاً في أغلب دور النشر ، وببساطة تحول العرس الأدبي الذي يجد في الباحثون عن مايروي عطشهم الأدبي والفكري إلى ساحة استعراض والتقاء بمشاهير التواصل الاجتماعي . ومن باب الفضول حاولت فتح بعضاً من تلك الكتب والمؤلفات للاطلاع على محتواها فوجدت جريمةً مريعةً ترتكب بحق لغتنا العربية ورأيت خناجر تنخر في خاصرة ذلك الجسد ، فبعض تلك المؤلفات كتبت بلغةٍ ركيكةٍ جداً ناهيك عن الكثير من المؤلفات التي استخدمت اللغة العامية.
وأنا أرى بأن الأزمة ليست أزمة لغة فقط وإنما أزمة فكر أيضاً فماذا عسى أن يوصل بعض الكتاب والذين لايحمل البعض منهم أي قيم فكرية لشبابنا وبناتنا. فأنا عندما أنتقد ذلك الوضع لست ضد التطور ولا أحارب إطلاقاً مواهب الشباب الذي يجب أن تكون له بصمات واضحة ومشاركات راقية في ذلك الحقل الأدبي … ولكن أن تصبح الكتابة مهنة من لا مهنة له وموهبة من لا موهبة له في الأصل وبوابة للشهرة والظهور إعلامي فذلك ما لا يقبل…عتبي هنا على بعض دور النشر التي تبنت كتباً ومؤلفات لكتابٍ لا يمتون للكتابة والأدب بأي صلة ، فكفى عبثاً بأرقى حقول العلم والمعرف