آراؤهم

“حرب الكلب الثانية”

لم يدفعني أمراً غير الفضول أن أذهب إلى معرض الكتاب، فالجريمة التي أركتبتها الرقابة بحق الكُتب لم تجعل لهذا المعرض قيمة لدى القراء ولعل من هنا أسُجل إعجابي بالرسالة التي أوصلها المبدع محمد شرف تحت عنوان (مقبرة الكتب) التي دُفنت فيها أعمال ماركيز ودوستوفسكي وجورج أورويل وتولستوي وهوغو وغيرهم بمقبرة الرقابة بجانب معرض الكتاب فهؤلاء هم سابقون ووفق نهج الرقابة بتأكيد هناك مُبدعون لاحقون ارتكبوا ذنباً عظيماً بمخالفة آراء وأهواء وآفكار الرقيب بالتالي التخطيط لإفساد المجتمع لولا ذلك تدخل ذلك الرقيب لينتشلنا من وحل كُنا فيه.

ليس بعيداً عن الموضوع وقد يكون جزءاً منه ومن الجائز أن يكون العكس صحيحاً، أعترف أني أختصرت أدب الرواية من قراءاتي ولا أقول ألغيته، وهذا لا يعني إنكار حقيقة أن الراوية هي سيدة العصر والرواة يعيشون عصرهم الذهبي فلا يمكن أن نغفل بأن الرواية تستطيع أن تصل إلى مواقع في العقل الباطن لا يمكن لأي كتاب فلسفي كان أو معرفي أن يصلها بالرواية.

القارئ يعيش الخيال ووسط هذا الخيال يجد أفكار الكاتب تتزاحم في ذهنه ولا يملك إلا أن يستسلم لها وُيسلم بها، ولكن هذا لايحدث مع أية رواية كما أنه ليس الحال مع أي كاتب، فرواية حرب الكلب الثانية ليست أي رواية، كما أن كاتبها المبُدع إبراهيم نصرالله ليس كأي كاتب، فهي رواية ملحمية من سلسة الشرفات التي ألفها نصر الله ولكن لايوجد بينها وبين السلسة رابط مباشر ولكن سيُدرك على الفور من قرأ سلسة الشرفات أنها كانت فرشة مقدمات متوالية للكاتب لهذه الرواية، لم يضع فيها الكاتب زمناً محدداً ولكنها تدور في المستقبل ولم يُسقطها في مكان ما ولكن من يقرأ سيفهم.. تتبلور الأحداث وتتشعب القصص حول سؤال رئيسي: إذا كان الناس يتحاربون ويتقاتلون لأنهم مختلفون ماذا سيكون إذا أصبحوا متشابهين؟ وهنا أقف وأترك للقارئ أن يعرف الإجابة من خلال الرواية.
نال الكاتب عليها جائزة البوكر للرواية العربية هذا العام ولست ناقداً لأؤكد استحقاقها ولكنها تعود بك إلى الروايات الملحمية التي كان يكتبها عظماء الأدب.

أنا هنا لا أدعو أحداً لقرائتها لا وبل أحذركم كل الحذر من تبعات قرائتها، ولكن أتطلع أن يسلط الرقيب عليها الضوء و ينحرها بخنجره لأنها رائعة أدبية تستحق أن تُمنع في الكويت.