محليات

24 عاماً على ذكرى الغزو العراقي.. مالذي تغير؟

تحل بعد غد السبت الذكرى الرابعة والعشرون للغزو العراقي للكويت.. ذلك الحدث الذي أعاد تشكيل خارطة العلاقات العربية العربية.. والعربية العالمية، وهيأ لقوات الغرب أن يكون لها موطىء قدم على الأرض الخليجية.
لم يكن الغزو الغاشم خطأ.. وإنما خطيئة ارتكبها النظام العراقي، كانت نتيجته الحتمية الدمار للبلدين: المعتدي والمعتدى عليه، فمع اللحظات الأولى لفجر الثاني من أغسطس عام 1990 استيقظت الكويت على أصوات الطائرات والدبابات والمدافع العراقية التي توغلت في عمق الاراضي الكويتية، ودارت عدة من معارك في أنحاء متفرقة من الكويت بين القوات الغازية وقوات الجيش الكويتي قبل أن تصدر أوامر للجيش الكويتي بالانسحاب، ثم في غضون ساعات تمكنت قوات الاحتلال من بسط سيطرتها على كامل الأرض الكويتية، وأعلن العراق بعد ذلك ضم الكويت إليه واعتبارها المحافظة الـ 19 ، كما قام النظام البعثي بتنصيب حكومة صورية برئاسة علاء حسين وتم تغيير العديد من أسماء المناطق الكويتية من قبل الجيش العراقي .
ذرائع الغزو وأسبابه: 
 
تذرع العراق في عدوانه على الكويت بذريعة أن الكويت ومعها الامارات أغرقت السوق العالمية بالنفط مما تسبب في انخفاض أسعاره بالتالي خسارة العراق مليارات الدولارات علما بأن حصة الكويت والامارات من الانتاج العالمي في تلك الفترة غير كافية لإغراق السوق العالمية فلقد عمد العراق الى إثارة الخلاف مع الكويت حول مسألة الحدود والنفط وقد عملت الكويت دائما بكل الطرق على حل المشكلة وكان النظام العراقي يعمّق الخلاف ويفتعل الأزمات.
وبعد ساعات على اجتياح العراق لدولة الكويت طالبت الكويت بعقد اجتماع طارئ لمجلس الامن وتم شجب الاجتياح وطالبت العديد من الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة بانسحاب العراق فوراً ودون قيد أو شرط، وفي 3 أغسطس عقدت الجامعة الدول العربية اجتماعا طارئا ، وفي 6 أغسطس أصدر مجلس الامن قراره بفرض عقوبات اقتصادية على العراق .
 
 
ردود الفعل العالمية:
 
رفضت معظم دول العالم العدوان العراقي الآثم على دولة مستقلة تتمتع بعضوية منظمات دولية وأقليمية وسعى العديد من رؤساء الدول العربية وغير عربية والامين العام للامم المتحدة السابق خافيير بيريز الى إقناع الرئيس العراقي صدام حسين بسحب قواته من الكويت وإعادة الوضع فيها الى ما كانت عليه قبل الثاني من أغسطس عام 1990 ولكن دون جدوى، وبدأ العراق بمحاولاته الاعلامية لربط مسألة اجتياح الكويت بقضايا الامة العربية فأعلن العراق أن أي انسحاب من الكويت يجب أن يسبقه انسحاب سوري من لبنان وانسحاب أسرائيلي من الضفة الغربية وقطاع غزة وهضبة الجولان .
 
 
ممارسات القوات العراقية أثناء الاحتلال:
بدأت القوات العراقية بعمليات واسعة النطاق من السلب والنهب شملت جميع مرافق الكويت وبدأت حملة منظمة لنقل ما تم الاستحواذ عليه الى العراق كذلك ارتكب الجيش العراقي العديد من الجرائم في الكويت كعمليات الاعتقال والتعذيب والاعدام دون محاكمة وكانت عمليات الاعدام تجري في ساحات عامة أو أمام منزل الضحية وبحضور أسرته مما اضطر الالاف الى مغادرة الكويت هربا من آلة القتل العراقية التي لم تفرق بين عسكري ومدني وشيخ طاعن بالسن وطفل صغير.
عزيمة وإصرار:
رفض الشعب الكويت الخضوع لهذا الاحتلال وتمسك بسيادة واستقلال الكويت ومن أجل ذلك ضحى الكثير من أفراد الجيش و الحرس الوطني والداخلية وغيرهم من أفراد الشعب الكويتي بأرواحهم واستشهدوا وهم يدافعون عن أرض الكويت، كما سارت المظاهرات التي قادتها المرأة الكويتية منذ الأيام الاولى ترفض فيها الغزو العراقي .
وأظهرت المحنة تكاتف أهل الكويت من الصغار والكبار وتشكلت مجموعات منظمة للقيام بالعديد من المهام منها توزيع الاغذية والخبز على المواطنين ومنها إزالة النفايات وحرقها ومنها إدارة الجمعيات التعاونية وحراسة الاحياء ومنهم من قام بعمليات قتالية لمقاومة الغزاة، كما برزت الوحدة الوطنية لتعكس صمود الشعب الكويتي ووقوفها صفا واحدا ضد المحتل وكان هناك اتفاق في الداخل والخارج من أجل تحقيق هدف واحد مشترك وهو طرد المحتل وعودة الشرعية الكويتية .
مؤتمر جدة:
 
 
عقد المؤتمر الشعبي في الفترة ما بين 13 – 15 أكتوبر 1990 في منطقة جدة في المملكة العربية السعودية وقد حضر المؤتمر العديد من الشخصيات الكويتية وكان المؤتمر رسالة واضحة الى كل من يحاول أن يشكك في وحدة الشعب الكويتي وصلابته والتفافه حول قيادته الشرعية وألقى كلمة كل من سمو الامير االراحل الشيخ جابر الاحمد الصباح وسمو الشيخ سعد العبدالله الصباح وعبدالعزيز الصقر ممثل المؤتمرين وعبدالرحمن خالد الغنيم الامين العام للمؤتمر الشعبي .
        
 
 
 
تباين المواقف العربية من حرب التحرير:
 
اجتمعت الدول العربية واختلفت مواقفها من الحرب بين مؤيد ومعارض ومن الدول المعارضة  الاردن – السلطة الفلسطينية – موريتانيا – اليمن – السودان – ليبيا  اما الدول المؤيدة فهي دول الخليج و لبنان و عمان وسوريا والمغرب ومصر، بينما أما الدول المتحفظة فهي الجزائر وتونس.
 
وفي تاريخ 29 نوفمبر 1990م صدر قرار مجلس الامن رقم 678 والذي حدد فيه موعداً نهائياً للعراق لسحب قواته من الكويت والا فإن قوات التحالف سوف تستعمل كل الوسائل لتطبيق القرار، وتشكل التحالف العسكري الذي يضم 34 دولة وبدأت الحشود العسكرية تكتمل في المملكة العربية السعودية .
عاصفة الصحراء:
 
مع بزوغ فجر 16 يناير1991 أي بعد يوم واحد من انتهاء المهلة النهائية التي منحها مجلس الامن للعراق شنت قوات التحالف حملة جوية مكثفة وواسعة النطاق شملت العراق كله من الشمال الى الجنوب وقام العراق بالرد على هذه الحملات الجوية بتوجيه سبعة من صواريخ سكود الى أهداف داخل إسرائيل محاولا جر إسرائيل الى الحرب بالاضافة الى إطلاق صواريخ سكود على كل مدينتي الظهران والرياض السعوديتين.
وفي 24 فبراير 1991م بدأت قوات التحالف تتوغل في الاراضي الكويتية والعراقية وتم تقسيم الجيش البري الى ثلاث مجاميع رئيسية بحيث تتجه المجموعة الاولى لتحرير مدينة الكويت بينما تقوم الثانية بمحاصرة جناح الجيش العراقي في غرب الكويت وتقوم المجموعة الثالثة بالتحرك وتدخل جنوب الاراضي العراقية لقطع كافة الامدادات للجيش العراقي .
وفي 26 فبراير 1991م بدأ الجيش العراقي بالانسحاب.. وأعلن عن تحرير الأرض الكويتية بالكامل بعد سبعة أشهر عجاف حاول الغازي مسح البلاد من الخارطة العالمية، ولكنه مني بالفشل، وفي 27 فبراير 1991 أعلن الرئيس الامريكي جورج بوش عن تحرير الكويت قائلا: ” الكويت أصبحت محررة وأن الجيش العراقي قد هزم “.
مالذي تغير؟

بعد 24 عاماً (أي زهاء ربع قرن) على تحرير الكويت.. يبرز تساؤل يبدو محيراً: مالذي تغير؟.. وكيف أصبح صدر الحكومة الكويتية ضيقاً إلى هذا الحد؟.. أي إلى الحد الذي جعلها لا تقبل النقد ولا النقض، بل أصبحت فوق ذلك تهدد من يعترض عليها بتجريده من حقه في المواطنة عبر سحب جنسيته، حتى من شارك في تحرير الكويت وكانت له صولات وجولات في مقاومة المحتل.

مالذي تغير؟.. ولماذا استدارت السلطة إلى الجهة الأخرى، وأدارت ظهرها للعهود التي قطعتها في مؤتمر جدة، حين أكدت أن الشعب شريك في الحكم، كما نص عليه الدستور؟.. ولماذا ترفض الاحتجاجات الشعبية المتواصلة على مظاهر الفساد وعمليات النهب المنظم للمال العام، رغم أن الفساد الذي يواصل توغله في كل أركان الدولة لا يقل جسامة عن خطر الغزو إن لم يكن يتفوق عليه؟!