أقلامهم

المحامي عبدالرزاق عبدالله يشرح رأيه القانوني في أثر “إسقاط جنسية الشريك في الشركات التجارية”

رأي قانوني 
إسقاط جنسية الشريك في الشركات التجارية 
الاسم: المحامي عبدالرزاق عبدالله 
أكدت المواثيق والمعاهدات الدولية أن مسائل الجنسية هي جزء من سيادة الدول، وأن لكل دولة الحرية الكاملة في تنظيم مسائل الجنسية الخاصة بمواطنيها، بما لا يخرق المبادئ الإنسانية، ولا يتنافى مع الحقوق والحريات المستقرة دولياً.
وفي البداية نودّ الإشارة إلى الفارق بين إسقاط الجنسية وسحبها، فإسقاط الجنسية هي عقوبة يتم توقيعها على المواطن من أبناء الدولة نتيجة إتيانه أفعالاً من شأنها الإضرار بأمن البلاد، سواء من الداخل أو الخارج، وغالباً تحتل هذه الأفعال مركزاً خطيراً، والتي يقرر المشرّع مدى خطورتها تجاه الوطن. وهي تعتبر من العقوبات القاسية للمواطن بلا شك.
أما سحب الجنسية، فهي عقوبة يتم توقيعها على مَن اكتسب جنسية الدولة (تجنَّس) بعد الميلاد وأثناء حياته، إذا تبين أنه اكتسب الجنسية بناء على غش أو تزوير أو نتيجة إخلاله برابطته بالأرض أو المكان الذي توطّن فيه، وتجنس بجنسيته، ومن المفترض أن يحترم قوانينه ولوائحه.
وما يهمنا في هذا المقال هو بحث الأثر القانوني لسحب الجنسية عن الشريك الكويتي في الشركات التجارية، لاسيما بعد قيام الحكومة بسحب الجنسية من عدد من المواطنين الكويتيين في الآونة الأخيرة.
وقد نصّت المادة 61 من المرسوم الأميري رقم 15 لسنة 1959، بشأن قانون الجنسية الكويتية، على أنه ليس للدخول في الجنسية الكويتية، ولا لفقدها ولا لإسقاطها، ولا لاستردادها أي أثر في الماضي، ما لم ينص القانون على غير ذلك.
ومؤدى ذلك أن جميع تصرفات الشركة والشركاء السابقة على سحب أو إسقاط جنسية أي من الشركاء الكويتيين نافذة وصحيحة من الناحية القانونية، سواء في مواجهة الشركة أو الغير، أما بعد صدور القرار الإداري بسحب جنسية أحد الشركاء الكويتيين، فإن الأمر يختلف ويحتاج إلى بحث كل حالة على حدة، فمن المعلوم أن المشرّع الكويتي استلزم في تكوين جميع أنواع الشركات التجارية، ما عدا الشركات المساهمة، أن يمتلك الجانب الكويتي من الشركاء نسبة لا تقل عن %51 من رأس المال، ومن ثم فإن الشركات المساهمة مستثناة من هذا البحث، إذ لا يؤثر سحب أو إسقاط الجنسية عن حاملي الأسهم من الكويتيين على الكيان القانوني للشركة أو تصرفاتها من قريب أو بعيد، أما باقي الشركات التجارية على اختلاف أنواعها، فيتعين البحث في مدى تأثير سحب أو إسقاط الجنسية عن الشريك الكويتي فيها.
وبالنسبة لشركات التضامن، فقد نصّت المادة 7/38 من قانون الشركات التجارية رقم 25 لسنة 2012 على أنه (….. ويجب ألا تقل نسبة ملكية الكويتيين في الشركة عن %51 من رأس المال) ومن المقرر بصريح المادة 33 من ذات القانون أن الشركاء في شركات التضامن مسؤولون بصفة شخصية، وعلى وجه التضامن عن التزامات الشركة في جميع أموالهم الخاصة.
ومفاد ما سبق أنه في حال سحب الجنسية من أحد الشركاء في شركات التضامن ينهار الكيان القانوني للشركة، وتتحول إلى شركة واقع، وتتم تصفية الشركة وتسوية حقوق الشركاء بعضهم قبل بعض، وقبل الغير، طبقاً للعقد، إلا إذا قرر باقي الشركاء المتضامنين، وعددهم إثنان على الأقل، استمرار الشركة، أو إذا تدخّل شريك كويتي آخر محل الشريك المسحوبة جنسيته، وهنا يجب تعديل عقد الشركة وقصرها على باقي الشركاء المتضامنين، أو حلول الشريك الجديد محل الشريك المسحوبة جنسيته في كل التزاماته تجاه الشركة والشركاء والغير.
أما بالنسبة لشركات التوصية البسيطة، فمن المقرر بنص المادة 56 من قانون الشركات التجارية آنف الذكر فإنها تتكون من شركاء متضامنين إلى جانب الشركاء الموصين، وهؤلاء الشركاء المتضامنون جميعهم كويتيون، ويتولون إدارة الشركة، ومن ثم فإنه في حال سحب الجنسية من أحد الشركاء المتضامنين يتعيّن تعديل عقد الشركة وإخراج الشريك المسحوبة جنسيته من فئة الشركاء المتضامنين، ويمكن أن يتحول هذا الشريك إلى شريك موصى. ولكن تكون الصعوبة عندما يكون هذا الشريك -المسحوبة جنسيته- هو الشريك المتضامن الوحيد بالشركة، والذي يتولى إدارتها هنا ينهار الكيان القانوني للشركة، وتتحول إلى شركة واقع، مثلها مثل شركات التضامن، إلا إذا حل شريك كويتي آخر محل الشريك المسحوبة جنسيته على التفصيل السابق.
وسوف نتناول في مقال مقبل بإذن الله تعالى الأثر القانوني لسحب وإسقاط الجنسية عن الشريك الكويتي في باقي أنواع الشركات التجارية الأخرى.
حفظ الله الكويت.