أقلامهم

حسن عباس: استثمار الإنسان الكويتي وجعله مُبدعاً مفكراً بدلاً من حالة الإهمال.

حينما يفتقر الكويتيون 
د. حسن عبدالله عباس / 2 > 1 
جيد أن نتخيّل أنفسنا في اقتصاد ما بعد النفط، أي في الاقتصاد الذي يخلو من النفط إما بسبب تراجع الأسعار لدرجة كبيرة، أو بسبب وصول العالم الصناعي في الغرب والشرق للبديل عن النفط كمصدر للطاقة وتحوله إلى مصدر آخر.
طبعا الناس اليوم يعيشون وكأنهم غير معنيين بالأمر، وأخص بالذكر الشباب. عند سؤالي في كل مرة عن الأخبار العامة، عن أوضاع البلد والمجلس، أغلب الإجابات تكون بـ «لا نعلم»،«لا ندري»! وفي حال وُجد من يدري ويعلم، أسأله ما هو رأيك بأحوالنا الاقتصادية والسياسية، يأتي الجواب التقليدي ما لي أنا والاحوال، فأنا مجرد شخص ولا قدرة لي على شيء، فهناك من هم أكبر مني ولم يفعلوا شيئا، هناك نواب»مصلحجية»، ووزراء أيضا، وهلم جرا من تعابير الانهزام والاستسلام.
ليس مهما صحة أو خطأ ما يعلمون، وليس مهما إن كان صحيحا ما يدعون، لكن المهم هو حالة الانهزام التقليدية في الانسان الكويتي. واقصد بكلمة الانهزام التقليدية بأن هذه الحالة لدى أغلب الشباب كونهم منفصلين تماماً عن الدولة، وكأنهم لا ينتمون ولا يعنيهم ما يجري. والأسوأ من ذلك أنهم حتى لا يدرون إن كانوا هم المعنيون بالأمر أم دائماً يجب على احد غيرهم ان يقوم بالإصلاح والمحاسبة! فالإحساس بالواجب الوطني تجاه الدولة واضح أنه مفقود لدى الكثيرين، فكل انسان يُلقي اللائمة والمسؤولية على غيره وكأن القضية لا تعنيه.
تصوّر معي الآن لو أن الاقتصاد تدهور، وكما قلت بالبداية، لو أن الاسعار تراجعت إلى حد كبير أو تحولت الدول الصناعية لبدائل عن النفط، فماذا سيكون حال المجتمع؟ أظنهم سينزلون الشوارع، وسيصرخون مطالبين بالمسؤول عما وصلت إليه الأوضاع، أو سيطالبون بمحاكمة الفاسدين، محاكمة سُرّاق المال، كما سترتفع الأصوات منادية بترشيد الإنفاق!
الاستغراب هو لماذا لا تكون هذه المطالبات الآن، لماذا لا يتثقف الشباب ويهتمون بأوضاع البلد ويحاسبون الفساد والفُسّاد، لماذا لا يتشاركون بوضع البرامج الإصلاحية التي ستنقذ البلد! نعم نحن بحاجة إلى وقفة إصلاحية توعوية خصوصا حول مآل البلد فيما لو تُرك من غير إيجاد بدائل للدخل، فاستثمار الإنسان الكويتي وجعله مُبدعاً مفكراً بدلاً من حالة الإهمال وعدم الاكتراث السائدة اليوم يبدو لي أهم بكثير مما تعانيه الدولة اقتصادياً حين تركز دخلها بيد سلعة واحدة!