أقلامهم

بقلم.. وليد الرجيب
انتهاء عالم القطب الواحد

علينا أن نعترف بأن عالم القطب الواحد، الذي بدأ منذ توقف الحرب الباردة ثم انهيار التجربة السوفياتية منذ ما يقارب الربع قرن، لم يعد موجوداً ولم تعد الولايات المتحدة وحلف الناتو، تتحكم وتدير العالم والحروب المتفرقة، في البلقان والقرن الأفريقي وفي العراق وسورية، لكن الفرق الآن أن القطبين المتضادين ليسا نظامين اقتصاديين اجتماعيين متعارضين، وإنما نظام واحد هو النظام الرأسمالي، يطمح كل منهما في الحصول على مناطق نفوذ أكثر في العالم، ما يعني التنافس من أجل اقتسام الثروات والنفوذ السياسي.
فالحرب الروسية بدءاً من أوكرانيا التي كانت عرض قوة وتحديا، رغم تهديدات دول الاتحاد الأوروبي وأميركا، بفرض عقوبات على روسيا، وتشجيع القوى الفاشية الجديدة لإشاعة الفوضى والذعر، وصولاً إلى البقعة المتنازع على ثرواتها وموقعها الجيوسياسي وهي سورية، فالحشد العسكري الروسي ومعه استعراض للبوارج الصينية والقوات الكورية الشمالية، هي رسالة للغرب بألا يفكروا بالاستحواذ على سورية وحدهم ولا أي منطقة في العالم، وبما أن أميركا استخدمت ورقة الإرهاب، فروسيا تستخدم نفس الورقة وبنفس اللعبة الأميركية الغربية، بل أضافت روسيا لفعلتها ذريعة طلب النظام السوري لها للتدخل.
لا أعلم إن كان قد تشكل لدى دول «البريكس» حلف عسكري بمواجهة حلف الناتو، على غرار حلف وارسو الذي كان يضم الاتحاد السوفياتي السابق والمنظومة الاشتراكية، والذي كان قوة عسكرية نووية لا يستهان بها، جعلت العالم على شفا تدمير تام عند مواجهة الحلفين، ولكن بعد الحروب بالإنابة التي كانت أميركا تستخدمها، أصبحت المواجهة مكشوفة بين قوتين، هدفهما واحد هو اقتسام النفوذ في العالم، فأميركا تسلح المعارضة «المعتدلة» وروسيا تقصف، وليس مهماً كم عدد الضحايا المدنيين جراء هذا التنافس.
اليوم هناك واقع جديد يتشكل جراء تنافس المراكز الرأسمالية، قد يعود بنا إلى حروب باردة وساخنة، وهناك حراك شعبي في مختلف مناطق العالم، بما فيها اليابان وتايلند والعراق ولبنان وغيرها، وهناك أحزاب يمينية وفاشية آخذة بالصعود، وهناك أحزاب وتحالفات يسارية تحظى بتأييد شعبي للتخلص من السياسة الاقتصادية النيوليبرالية، التي فرضتها المراكز الرأسمالية وأدواتها مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وتسيطر هذه الأحزاب اليسارية على البرلمانات والحكومات في بعض الدول، بغض النظر عن رأينا فيها، مثل اليونان والبرتغال وقبرص وبعض دول أوروبا الشرقية، ولكن كيف سيترك هذا الواقع الجديد تأثيره على الوضع الإقليمي في المنطقة وبالتالي علينا؟ بالتأكيد لا أحد يستطيع التنبؤ، لأن العالم الجديد للتو بدأ يتشكل.
وليد الرجيب
osbohatw@gmail.com