كتاب سبر

فياجرا للوطنية !

فياجرا للوطنية !


أما قبل :


عرَبيٌّ لسانهُ ,, فلسفيٌّ


…………… رَأيهُ ,, فارِسيّةٌ أَعيادُه


(المتنبي)


(تفووو! ..عليكم أيها الجبناء!!) .. هكذا بدا “الوطن” يصرخ في وجه .. العاملين في المقهى .. وهو يدنو بين الطاولات .. نصيب كل ما يصادفه في طريقه الكسر .. غير آبه بالزبائن الذين يختلسون النظرات إليه .. تقدمت نحوه جعلته يتأبط كتفي .. وسرنا إلى طاولة في الزاوية في منأى عن الضوضاء ..!!


 سألته : ماذا دهاك؟ ما الذي حل بك ؟ .. اتجه نظرة إلى السقف وعاد إلي وقال : من أنت ؟ .. قلت : يا إلهي كم لبثنا! .. لقد مر زمنٌ طويل لم أسمع هذه العبارة .. المسافة بين (من أنت) وبين (من من أنت) طولها (سبع حكومات) .. يا “بعد زول رفعه” أنا (مواطن إلا ربع) تلدغني عقارب الساعة .. كلما طال مكوث هذه الحكومة .. أنا بذرة تنمو في أرضك وقيل لي انمُ فنـ(موت)! .. أمتهنُ طرق أبواب الطموح .. في زمن يتسلل الآخريين به عبر النوافذ .. منعوا عني حتى “الأوكسجين” بحجة أن تركيبته الكيميائية تساعد على الاشتعال .. وسجلت كمجرم خطر .. بالرغم من أني لا أبرع  بفن الرماية .. سوى فن رماية الآمال في النفايات ..!!


تأفف قليلاً وقال : أكثر ما يؤرقني .. هؤلاء الذين يرسلون “الفاكسات” ويقيمون الندوات .. يمزقون (وحدتي الوطنية) حتى أصيبت أطياف الوحدة الوطنية بداء (الوحدة) .. لا تجدي بهم حتى (الفياجرا الوطنية) لأنهم شاخوا وكبروا على الطائفية .. وتعاطوا حبوب منع “العمل” .. يبرعون في (الكتابة على الجدار) لأنهم لا يتقنون (كتابة الجدار) .. جدار دون أعدائي .. يبدؤون بالبرامج الحوارية .. بتبادل (أطراف الحديث) وينتهون بتبادل (الحديث بالأطراف) .. لا يعون أن من كان وطنه من “زجاج”..  لا يرمي .. “المساجد” بالحجر .. !!


سكت قليلاً ثم عقب قائلاً : خذ عندك بعض الكتاب .. الذي تجاوزوا مرحلة (التنازلات) وأصبحوا في عهد (التنزيلات) .. وبعض وسائل الإعلام التي بسببها .. خرج إبليس بحشود الشياطين بمظاهرة يرددون (العفاريت/تريد/ بدل بطالة) .. ونواباً تسمن بطونهم وتنحف ضمائرهم .. قالوا (للدستور ربٌ يحميه) ولاذوا بالفرار أمام (فيلة الحكومة) .. الذين يسعون لفنادق خمس نجوم .. ولا يكترثون أن يحظوا (بقبر خمس نجوم) .. ناهيك عن لصوص كلما زاد سعر “البرميل” نهبوا بأرضي “ميل” .. المجتمع (خدعوه) وعقابهم بأن (يخدموه)! .. نبلاء حذفت منهم النون .. ألم ترَ موجات الغبار التي اجتاحتنا منذ أيام .. لم تكن سوى حبات رمل فرت بجلدها مهاجرة .. بعد أن تمت سرقت أتربتي! .. قل لي أنت .. ألست خائف من الحديث ؟


قلت : يا مولانا .. إن (السكوت من ذهب) وأنا صعلوك لا أمتلك ما ثمنه الذهب .. أمارس الكتابة فهي (عادة سرية) في أوطاننا لأنها تضر بالفطرة (الجنسية) .. على قدر “لحافي” أمد قدمي .. ويمدُ غيري قدمه على “جسمي” .. اطمئن فلدي عقد يلزم صحيفة سبر .. أن يتلفوا مقالاتي بمخازنهم .. وحتما سوف أخرج براءة! .. وهل تريدني أقول كما يقول المعري (إذا قلتُ المحالَ رفعتُ صوتي// وإن قلتُ اليقينَ أطلتُ همسي) ..؟!


قاطعني : هاهاها .. نسيت أن أوصيك أن في أرجائي (إن كان صاحبك عسل..لا تلحسه كله) بل أقصد به أقرب “مختبر” فقد يكون غذاءاً فاسداً! .. أكثر معضلاتي من الحكومة .. التي ترى أن كل “نوابها” معافون إلا “المعارضون” .. وأن الاختلاف معها لا يفسد للود قضية .. بل الاختلاف معها يولد لك قضية! .. تكتب وزارة الصحة فيها .. على علب الدواء (يبعد عن متناول الأطفال) ولا تقول لأمراض المصانع في المناطق السكنية (يبعد عن تنفس الأطفال)! .. يا ابني لو عاصر “عباس بن فرناس” الطائرات في خطوطنا الجوية لقال (علّي الطلاق بالثلاث ما أركبها) ..!!


اسمع بني ! إن أزعجك صوت خوار الأبقار في أرض والحكومة لا تـُلجمها .. ذلك لأنه كان لي زميل دراسة في مدرسة الأوطان اسمه “الهند” .. فيه الأبقار مقدسة لا يمسها أحد .. ولعلنا أخذنا الطبع منهم (فالطباع سراقة) اصبر عليهم فإن مغسلة الأموات لا تغسل “الأرواح” .. ودعني أهمس لك بسر.. لقد حزمت حقائبي وطلبت (فيزة هجرة) لأوروبا سوف أفر.. قبل أن يسرق لحمي وشحمي وخريطتي وترابي .. فكم فضيع أن تكون أعواد بخور تحترق عظامك .. لتفوح ريحاً زكياً في أفق بيت هجره ساكنوه .. وإن قدم عيدُ استقلالي لا تحتفلوا به .. لأن (عيد ميلاد) الوطن .. هو الوحيد الذي لا يحتفل بكبرهِ هو .. بل يحتفل  بكبر قدر (مواطنيه) وما يفنى هو .. !!


قيل (الحاجة أم الاختراع) .. فهل تقدر “ستين أم”  حاجة على اختراع .. وطن واحد ..!!


صعلكة :


(المجاز) .. في اللغة العربية هو (تشبيه) و (استعارة)


(المجازر) .. في الأوطان العربية هي (مشتبه به) يقتل دون (استعماره) !!


محمد خالد العجمي .. وفي رواية أخرى (أبوعسم) سابقاً


twitter:@abo3asam