كتاب سبر

الاعتذار والاعتزال

يبدو أن ثورة 25 يناير المصرية لم تصل بعد إلى أناس كثيرة في مصر ..

..وربما أيضا لم تصل إلى الذين يديرون الحكم – أو الذين أصبحوا يديرون الحكم بفعل الثورة – رغم أن الكثير من رؤوس النظام السابق استشعروا الرعب والخوف ودخلوا إلى الجحور من أول يوم .. ولم يخرج بعضهم إلا على إدارات التحقيق أو ضيوفا على إدارة السجون .. وهنا نستثني أسرة مبارك التي حاولت بكل الطرق الحفاظ على كراسي الحكم حتى ولو وصل الأمر إلى محاربة الشعب وقتله على غرار ما فعله القذافي وصالح والأسد مع شعوبهم.. ومع هذا خرجت الثورة بما يقرب من ألف شهيد .. وأكثر من خمسة آلاف مصاب نتيجة إجرام النظام.

.. فمعظم الأمور تدار في مصر على طريقة النظام السابق .. تلك الطريقة البطيئة .. والبليدة!!

 ولعل ما يحدث من اختيار المسئولين أكبر دليل على ذلك..

.. وكذلك الأمر في الإبقاء على المسؤولين الذين حصلوا على مناصبهم نتيجة نفاقهم للرئيس المخلوع وابنه والانضمام إلى لجنة سياسات الحزب الوطني “المنحل”..

وكنا نصف تلك الأمور في العهد السابق بأنه فساد وإفساد للمجتمع .. لكن الأمور ظلت على وضعها حتى مناصب الجامعة الذي جاء أغلبهم بقرارات وتقارير أمن الدولة “المنحل”.. مازالت الحكومة والذين يديرون الحكم يحتفظون بهم..

.. ويستمرون هؤلاء في تصرفاتهم .. ولا يبدون أي اعتذار عما اقترفوه في عصر مبارك وابنه من نفاق وتزير ومحسوبية وفساد .. 

هذا الأمر الذي جعل الشعب يعلنها صراحة أنه قام بثورة من أجل التغيير.. ومن أجل الكرامة .. ليس من أجل الإبقاء على رموز النظام السابق فقد طالبوا بإسقاط النظام .. فسقط رأس النظام .. ولا يزال النظام قائماً يخرج لسانه للشعب متحديه أنه لن يستطيع أن يفعل شيئا معه .. لقد استطاع أذناب النظام السابق وترزيته استخدام القانون من أجل صالح النظام السابق ليأتي من بعدهم من لا يستطيع ملاحقتهم ومحاكمتهم على ما أفسدوه في العباد والبلاد .. فدعكم من التحقيقات والمحاكمات المتعلقة بالمال والكسب غير المشروع .. فهم في النهاية يتوقعون التصالح ورد بعض من الأموال مقابل الإفراج عنهم .. وجعلهم آمنين .. وقد لا يعتزلون .. فنجدهم يعودون بطريقة أو بأخرى إلى المشهد العام رغم أنهم حتى الآن لم يقدموا ولو اعتذارا واحدا عما اقترفوه.. ولعل ما حدث مع أحد رموز الناظم السابق يرينا كيف ينظر هؤلاء إلى الثائر..

وأقصد هنا الوزير مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والبرلمانية في عهد الرئيس المخلوع.. والذي استطاع أن ينجوَ من السجن مع أعضاء حكومته الموجودة الآن في سجن طره..

فهذا الرجل أفسد في الحياة المصرية إفسادا عظيما بدأها عندما كان رئيسا للجامعة .. فأصبحت الجامعة على يديه أكثر فسادا وفصل الطلاب الناشطين وحبس الجامعة في إطار مبناها فقط .. ورغم أنه قال من قبل أنه لن يتولى أي منصب وزاري بناء على رغبة السيد والده .. فإن جاءه المنصب حتى هلك له في وزارة التعليم العالي .. ومن ثم حاول أن يقدم نفسه باعتباره الضليع في قواعد القانون “وترقيعه” وتبرير أي عمل من أعمال السلطة .. فكله بالقانون .. ومن ثم رفعوه ليكون قريبا من الرئيس المخلوع وابنه ليقدم قوانين وتشريعات “مفصلة” .. و”ترقيعات” دستورية من أجل تقنين التوريث.. ورغم كل ما أفسده في الحياة السياسية .. فقد تم استدعاء الرجل إلى الكسب غير المشروع للتحقيق معه فيما يملك من أموال وعقارات (فقط) ليقدم الرجل أوراق ومستندات (وهو ضليع في ذلك) من أنه عمل محاميا كبيرا وفي عدد من الدول العربية ومستشارا لعدد من الهيئات والمؤسسات والأفراد جلبت إليه الكثير من الأموال .. ومن ثم تم الإفراج عنه .. ليخرج علينا ليؤكد على براءة موقفه وأنه قرر اعتزال العمل السياسي. 

يا سلام .. هكذا يا دكتور شهاب وأين محاسبتك على فسادك وقوانينك الفاسدة!! 

بل إنه لم يقدم أي اعتذار عن ذلك .. ويسير على دربه الكثير من أصدقائه في النظام السابق..

فيا أيها الذين في النظام السابق اعتذروا أو موتوا.. 

ويا أيها الذين تديرون الحكم .. هناك ثورة والشعب يريد قرارات ثورية.