كتاب سبر

عُمان… مثال لإرادة التغيير السياسي

من خلال المتغيرات التي حدثت في منطقة الشرق الأوسط ورياح التغيير التي هبّت على الدول 

العربية، والإنتفاضات الشعبية التي حدثت وتحدث في المنطقة، نجد أن دول الخليج 

العربي لم تكن بمعزل عن هذه التغيرات والمطالبات الشعبية والحزبية، وبغض النظر عن الأجندات 

الداخلية والخارجية وعن طريقة معالجة كل دولة من دول الخليج العربي للمطالب الشعبية، فإن هذه 

الدول على الرغم من كونها نُظم قبلية من حيث الشكل ولكنها من ناحية أخرى دول مؤسساتية حديثة. 

فلو استثنيا دولة الكويت كبلد ديمقراطي ( وهذه ليست شوفونية) ولها تجربة رائدة في المنطقة أثبتت

 مصداقيتها من خلال الممارسات البرلمانية وبغض النظر عن المشاحنات والتأزيم والاستجوابات 

والتجاذبات ولكنها تبقى في إطار اللعبة السياسية الديمقراطية المشروعة، فإن دول الخليج العربي 

لاتملك المُشرع المنتخب من قبل الشعب وعلى الرغم من أن الشعب الخليجي والقيادات في الخليج 

العربي تعتبر متقاربة سياسياً وفكرياً، إلا أن معاجلة التغيير والمطالبات الشعبية تباينت من بلد لآخر.

إن بعض دول الخليج العربي كالمملكة العربية السعودية ومن خلال الرؤية المستقبلية للأوضاع التي 

تحيط بالمنطقة إرتأت أن تستبق المطالبات الشعبية وأن تستوعب شعبها من خلال الإصلاح الإقتصادي 

والسياسي، ولكن في بعض الدول وصلت الأمور فيها إلى المواجهة التي شرخت الوحدة الوطنية 

وستبقى ندوبها في جسم الوطن.  لقد حدثت احتجاجات ومظاهرات في سلطنة عُمان لم تدم إلا أيام قليلة 

وحدثت أحداث تخريب وهي تعبير خاطىء عن الرفض الشعبي لبعض الممارسات الحكومية ولكن هذا 

بسبب أننا كمواطنين عرب لا نملك ثقافة وروح ممارسة التعبير عن الرأي إلا بالتخريب وعدم الشعور 

بأن ما نقوم بتخريبه هو أولاً وأخيراً يعود لنا كمواطنين وليس فقط للدولة ولأننا نشعر أننا والدولة 

نقيضان وفي حالة أزمة وتنافر دائم. 

لقد استوعب السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان الشقيقة مطالبات شعبه وبسرعه مذهلة،

وأحدث تغييرات جذرية لم يكن ليحلم بها المواطن العماني، فلقد قام السلطان قابوس بن سعيد بتعديلات 

وزارية على حكومته شملت تغيير ستة وزراء فلقد أصدر مرسوماً سلطانيا بتعيين محمد بن ناصر 

الخصيبي وزيرا للتجارة والصناعة وحمود بن فيصل البوسعيدي وزيرا للخدمة المدنية ومديحة بنت

 أحمد الشيبانية وزيرة للتعليم وعين الشيخ محمد بن عبد الله الحارثي وزير الخدمة المدنية السابق 

وزيرا للبيئة والشؤون المناخية كما عين مقبول بن علي سلطان وزيرا للنقل والاتصالات ومحسن بن 

محمد الشيخ وزيرا للسياحة. 

ورفعت السلطنة المرتبات للموظفين العمانيين الناشطين في القطاع الخاص بنسبة 43 في المئة لتصل الى 520 دولارا شهريا للموظف.

كما أمر السلطان قابوس بن سعيد بسلسة تقديمات اجتماعية في عمان تشمل رفع المخصصات المالية الشهرية لطلبة الكليات والمعاهد والمراكز الحكومية التابعة لوزارة التعليم العالي ووزارة القوى العاملة.

كما أمر السلطان قابوس بإنشاء هيئة مستقلة لحماية المستهلك، و إنشاء جمعيات تعاونية، وطلب كذلك تخفيض نسبة مساهمة موظفي الخدمة المدنية في نظام التقاعد. وكذلك أمر السلطان قابوس بإنشاء أول بنك إسلامي. وأيضاً دفع إعانات إجتماعية مادية لمن لا يجد فرصة للعمل.

لاشك أن كل هذه الإنجازات لم تكن لتحقق لو لم يكن هنالك مطالبة شعبية وهنالك إرادة سياسية تستوعب المواطن وتسعى للتغيير.  

إننا نشد على يد القيادة السياسية في سلطنة عُمان وعلى رأسها السلطان قابوس بن سعيد حفظة الله ورعاة ونطالب كمواطنيين خليجيين يهمنا الإستقرار في منطقة الخليج العربي جميع سياسيي دول الخليج بإعطاء فرصة الحوار وإستشعار حاجة المواطن لأنني أعتقد جازماً أن رياح التغيير ستقتلع كل من يقف ضد الإرادات الشعبية المعقولة والمُقننة والوطنية بشكل جوهري.