كتاب سبر

أوسكار ونوبل…

السينما الجيدة لا تقدم لنا الوضوح في الأحداث و الشخصيات لأنها تعتمد على إبقاء المشاهد متشوقا حتى النهاية ولا يحدث هذا ما لم ترافقك بعض الأسرار من أول الفيلم لآخره إلى أن يدهشك تكشفها في النهاية فيسعد المشاهد بكونه كان في واد و حبكة الفيلم في واد آخر… فالزوجة الطيبة تخون …و الصديق الوفي هو القاتل و الشخصية الغبية تبين أنها الأذكى…مؤامرات محكمه على ذهن المشاهد يقدمها مخرجين عظام مثل المخرج الغربي جان لوك جودار الذي أختصر هذا كله بقوله ” السينما هي الخدعة الأجمل في التاريخ “.. و الغرب عموما متهم بالخداع سينمائيا و سياسيا غير ان المخرج الشرقي عباس كورستامي يؤيد نظيره الغربي و يزيد عليه بالقول ” السينما الجيدة هي التي تستطيع خداعك بصدقها و السينما السيئة لا تستطيع ذلك”…أجتمع إخوة ” الخداع ” علينا شرقا و غربا أما عن شمالنا و جنوبنا فيتمركز ” إخوة الكذب “…ممتعين و هم ينشدون أمامنا قصائدهم في السهر و الأرق و الوفاء..ونحن أيضا ننشد لهم ” أعذب الشعر أكذبه “..الدنيا جميله بخداع السينما و كذب الشعراء..هكذا أحبها.

الذي يحدث أحيانا أن تكون القابلية للتلقي عن السينما و الشعر أكثر من اللازم فلا تقف عند حدود المشاهدة و المتعة و التحفيز الذهني بل تتعداها ليكون الفيلم و القصيدة حكما على ما يحدث واقعا ..فالبعض يكاد يصرخ حين يشاهد زوجة وقد تأبطت ذراع زوجها…” احذر إنها تخونك !!!”..بدلا من أن يحدث نفسه ..هناك زوجه خائنه و أخرى وفيه”..و هناك إنسان خائن و آخر وفي..ليست الدنيا كلها ” بروتوس” هناك بقيه من ” السموأل”.. وهو زعيم الوفاء ..وهو من وصف ” الكرام ” بأنهم قليل…قليل ولم يقل عدموا و انتهوا…هناك إنسان خائن و آخر وفي..وهناك أيضا نائب ضيَع الأمانة و آخر حفظها و أدى حقها و المقياس هنا هو الوفاء للقسم و ليس مجرد النطق به…و أنا كمواطن اقسم أيضا أن هناك من أدى أعماله بالأمانة و الصدق وهو يستحق أن يحصل على ثقتي فيه كإنسان أولا و كنائب ..أقول هذا كله وأنا اسمع الحديث عند بعض الحركات الشبابية عن ضرورة إقصاء النواب عن هذا الحراك و الاحتفاظ به شبابيا خالصا وأنا أخالف هذا الاتجاه و أرى أن مشاركة النواب في ” الحراك ” و التنسيق معهم في ” القرار ”  لا يؤثر على استقلالية الحركة بل يدعمها و يعطيها زخما وأنا هنا لا أسجل الشكر للنواب المتفاعلين مع الشارع بل أنوه فقط لدعمهم له و اعتقد أن الحديث عن نوع من ” التكسب” من قبلهم  لا يعني في حقيقته غير أن الخطاب الحكومي المشكك يجد طريقه إلينا بغير وعي و الحذر هنا لا يكون إلا في خطر الامتزاج الكامل مع اللعبة النيابية الحكومية ..من المهم الاحتفاظ بالشارع كعامل مؤثر.

هناك من النواب من لا تجمعنا به أي شجرة نسب وهناك أيضا من نحن له ” والدين ” فنائب صوت مع تأجيل ” أبو سنه ” لا يمكن أن يكون فرعا لشجرة دستورنا بل هو نبته ضاره ظهرت بجانبها و تغذت عليها أما من جلس على الكرسي الأخضر مدافعا عن الحق تحت قبة المجلس ثم اعتلى ” الصبة ” خارجها مرددا أصواتنا و مطالبنا فهو منا ” آل الكويت ” وهكذا هم نوابنا…” ليسوا سواء”.

أتذكر كلمات الدكتور احمد الخطيب و نصيحته للحركة الشبابية حين التقاها ” النواب محكومون بالتكتيكات أما أنتم أحرار فحافظوا على استقلاليتكم و تعاونوا مع الكل” نصيحة دقيقه يجب أن تقرأ بعناية وهي ليست دعوه للإقصاء بالمجمل بل للوقوف بجانب النواب المخلصين…بجانبهم وليس خلفهم..والحراك الشعبي عموما ليس سباقا بين احد و ليست هناك أماكن محجوزة لا حد دون  أحد ومن يؤمن بشعار ” رئيس جديد و حكومة جديدة و نهج جديد ” هو فرد ضمن هذا الحراك نائبا كان أو غيره “

يجب التخلص من ذهنية المشهد الذي أداه احمد زكي في فيلم حب فوق هضبة الهرم حين أنزل رأسه و قال ” كلهم كدابين و كلهم عارفين إنهم كدابين و كلهم عارفين إن إحنا عارفين إنهم كدابين”…ليس هناك حبكه في كل شي..وليست هناك مؤامرة في كل مكان..هناك مساحه للصدق في الحياة..وفي السياسة أيضا..هناك نائب يستحق الأوسكار فقط..وآخر لا تفيه نوبل حقه.

خالد الجعفري

twitter@khaledalgaafry