كتاب سبر

” قرصة اذن ” .. يا مطير !!

في لقاء مع قناة سكوب, اطل الكاتب الصحفي نبيل الفضل في حديث مطول ,تناول خلاله العديد من المواضيع التي تمر بها الكويت ,ما لفت نظري في اللقاء هو كلام الفضل عن مواجهة محتملة بين الدولة والقبيلة, وبروز استقواء بدور القبيلة على  الجانب الوطني، وان الحسم في ذلك الصراع  سيعكس صورة  الكويت المستقبلية  ,وانتقالها من دولة مدنية, السيادة فيها للقانون إلى دولة قبلية تتسيد فيها الاعراف.

 الحراك الذي تشهده الكويت من قبيل التجمعات المؤيدة لقبيلة مطير او حتى تلك المناهضة لاستمرار الحكومة, ان قرأناه على طريقة الفضل فان بها من سوء النية الكثير, توهم المشاهد ان ثمة صراعا بين سلطة الدولة وسلطة القبيلة، واختزال المشهد السياسي بصراع بين بيت الحكم وقبيلة مطير تساندها بعض القبائل ،فيه الكثير من التجني ,يتلخص  بابعاد بقية الوان الطيف السياسي في احتجاجات جرت غير مرة رفضا لتردي الوضع في البلاد وتغييبا لدورهم في المطالبة بإحداث تغيير في إدارة الدولة.

الملاحظ في السنوات الاخيرة ان ما يسمى ب”نخوة الجاهلية” وهي العصبية القبلية التي كانت سائدة ,بان نائب القبيلة في البرلمان خط احمر لا ينتقد ولا تثريب عليه في اي موقف يتخذه ، كما ان الوزير من ابناء هذه القبيلة لا يستجوب ولا تطرح  الثقة فيه طالما ان ابناء عمومته يحمون ظهره من زملائهم اصحاب الكراسي الخضراء ،تلك المعادلة تغيرت في الآونة الأخيرة, حيث سقط سور برلين عن الوزراء ، وتجاوز بعض نواب القبائل خط برليف في نقد زملائهم وابناء قبيلتهم, وليس أدل على ذلك موقف النواب من استجواب رئيس الوزراء وما رافقه من تجمعات لابناء القبائل امام ديوان نوابهم المترددين لحسم موقفهم .

الفضل قال في لقائه : ان قبيلة مطير وقفت ضد الحكم واختيارات الحكم ، ويجب حسب قوله ايصال رسالة ان وقوفكم ضد السلطة سيساهم في خسارتكم ولا يجوز مكافأتكم بتوزير العفاسي و اسناد وزارة ثانية له ثم منحه لقب نائب رئيس الوزراء، السيد الفضل يرفض ان تكون القبيلة ملجأ ويرفض مواقف نواب الأمة بالمطالبة بتغيير طريقة ادارة الدولة ، لكنه يؤلب على “قرص اذن” القبيلة عبر حرمانها من اسناد حقيبةوزارية لأحد ابنائها ، والاجدر به المطالبة بحجب الحقيبة من باب رفضه للمحاصصة إيمانا منه بدور الدولة المدنية .

 السلطة هي من ضخم دور القبيلة السياسي عبر سلسة اخطاء تراكمت بدءا من القانوني الانتخابي وصولا الي  توظيف القبيلة في العمل السياسي  لتنمو العصبيات القبلية  الأخرى، الدولة تعبر عن سلطتها وسيادتها وتسيير امورها عبر رأس الدولة او رئيس الحكومة الامر ذاته في الدور الاجتماعي لشيخ القبيلة التي انتهت سياسيا باختطافها من قبل النواب حسب ما قاله الفضل .

السواد الاعظم لأبناء القبائل لم يخرجوا في تظاهرات احتجاجا علي تردي الاوضاع بأمر من شيخ القبيلة ، بل بعد تأكدهم ان الدولة لعبت دور المتفرج في خطر المس بكيان القبيلة وكرامة ابنائها، وغضها الطرف عن ممارسات ضرب الوحدة الوطنية سواء طائفيا او قبليا ما ادى إلى بروز حال من التصادم والتناحر المجتمعي تصعب السيطرة عليه ، ثم كيف يفسر نبيل الفضل خروج العديد من ابناء الحضر سواء سنة او شيعة حتى وان كانوا اقلية حسبما يروجون في تلك الاحتجاجات, اليس ذلك الخروج هو رفض مجتمعي لما يمكن أن يزعزع كيان المجتمع والقبيلة التي هي احدى ركائزه .

دائما ما اضع يدي علي قلبي حين أقرأ مقالا لسعد العجمي ينتقد فيه نائبا من قبيلته واكسر حساباتي كم سيخسر بو محمد نظير جرأته ، واتوقع ان تعلق مقصلة في الصباحية لمحمد الوشيحي واتخيل مريديه من الصعاليك يغسلونه في نهر العاصي ،فاقلامهما حطمت كيانا كان قائما اسمه نقد ذوي القربى ونشرا غسيل من يستحق من نواب ابناء القبائل بدءا من ابناء عمومتهما , ما زاد من مصداقية ما يكتبان ويقولان وان اختلف معهما البعض في التوجهه والإنتماء حتى الدم وان كان “ازرقا” .

ان ما جعل  الكويت تخسر رجلا, افتقده الكثيرون لمواقفه التي لا تنسى كوليد الجري, الذي نحتاجه  اليوم نائبا وليس مواطنا ،هي الانتخابات الفرعية التي تجرأ مسلم البراك والتكتل الشعبي وغيرهم من نواب مطير والعوازم في الدائرة الاولى على رفضها ، فيا سادة هم ابناء قبائلكم صحيح  ,لكنهم قبل ذلك هم ممثلو الشعب ,فارفعوا عنهم الحرج ولا تخسرونا وليدا آخر وتحرمونا من نائب مستقبلي نفخر به كويتيا اختير باصوات ابناء دائرته الإنتخابية وليس قبيلته فقط.

 هناك تحديات كبيرة تنتظر  ابناء القبائل في قادم الايام بهدف اقناع مختلف الشرائح في الكويت ان ولاءهم للكويت وليس للقبيلة وحراكهم سياسي وليس قبليا ، والدولة هي القاسم المشترك بين ابناء الوطن وليست مغنما يقسم على الافرقاء، ،فلا يجوز ان ينحى بالقبيلة تجاه الدولة . فكل من يدعو للتجديد يرفض من قبل مؤيدي البقاء على إرث القبيلة  .

بعد هذا  كله  هل سيدخل ابناء القبائل في صراع مع النفس وكسر تابوهات الانتخابات الفرعية, لرفع الحرج عن أنفسهم وعمن يدافع عنهم وبالتالي تقديم بادرة حسن نية تجاه الاخر, وان كان البعض من ذاك الاخر لن يملأ عينه سوى التراب المملح, عله يشفى من النظرة الضيقة للأمور، في سبيل  تحقيق الاندماج الاجتماعي و المساواه عبر الغاء الفوارق بين افراد المجتمع، بالتزامن مع حظرنا ككويتيين كل دعوة عصبية او قبلية او مذهبية او مناطقية وصولا إلى تحديد دور القبيلة او الطائفة السياسي من دون إلغائه لكن الحفاظ عليه كداعم او عامل مساعد انطلاقا من موقعه وتأثيره الاجتماعي .