يهفهف سعد علوش بهذا البيت الأنيق:
(من قبل لا اسوّي مشاكل مع الناس…
عندي مع نفسي مشاكل كثيرة)
يقول “سعد” لي ولك : لا تنشغل بمشاكلك مع الآخرين، لا تضيع عمرك في عيوب الناس… فلديك الكثير، انشغل به.
…هيا نفتح محضر التحقيق في الهاتف.
فلو تم القاء القبض على شخص ما.. فإن “موبايله” سيكون من أهم المستندات التي تدينه أو تساعد في تبرئته.
وياما جرائم كشفتها الهواتف..
وياما مستور فضحه التلفون
امسك الجهاز… طالع الأرقام المحفوظة فيه وحدد نوعية الأشخاص.
هناك من هو مهووس في حفظ أرقام الشخصيات المعروفة… حتى لو لم تربطه بهم علاقة… لإشعار نفسه بأهمية ما، وقد يخبر من يجالسه أنه يعرف ذلك الرجل المشهور… والدليل: هذا رقمه عندي!
هناك من هو مشغول بمعرفة أرقام الفنانين والفنانات.
وهذه مشكلة سهلة مقارنة بمشكلة كان يعاني منها صديق ،يحكي لي:
لو شاهدت تلفوني في تلك الأيام؟
أصدق وصف ينطبق عليه أنه “ماخور”!
كنت مهووسا بجمع لقطات الفيديو المصورة : مشهد خاص لهند البلوشي، مقطع نار لسمية الخشاب… (هذه عناوين لم تعد تخفى على أحد… وهي إن لم تذهب إليها… ستأتيك رغما عنك)
قلت له: وماذا تحوي تلك المشاهد بالضبط؟
نظر لي بسخرية: تستعبط؟ تسوي نفسك بريء..؟
ماذا تتوقع مثلا لفنانة مهنتها الهوى… هل تتوقع شرح أحكام الطهارة لشذى حسون… أم محاضرة عن سيرة ابن هشام تلقيها الداعية “أحلام”؟…
قلت له: وكيف حدث التحوّل؟
قال: غفوت يوما إغفاءة سريعة… ثم صحوت لأجد ابنتي ذات الأربع سنوات تعبث بهاتفي وتطالع أحد تلك المشاهد.
كان منظرها غريبا..
وكنتُ مجرما بامتياز.
كان ذلك انذارا إلهيا… قمت بعده مباشرة بحرق التلفون.
كان من السهل أن أتخلص من قذارة الجهاز.
لكن المرحلة الصعبة كانت في التخلص من الأفكار القذرة التي أعيشها.
وبعد أن أعانني الله على الكثير من خطاياي..
فتحت هاتفي على مسج من صديق أحترمه… وفي المسج رابط… ذهلت وأنا أطالعه… منظر يفتك بكل مسكين يدعو الله ليلا ونهارا أن يحفظه في دينه..
على الفور اتصلت … السلام عليك ابوعبدالله
ياهلا ابوفلان… شالساعة المباركة؟
قلت: أخي اعلم أنك أفضل مني خلقا واوسع علما..و لكن المقطع الذي ارسلته سيكون وبالا عليك… وعليّ، فأنا في حالة جهاد مع نفسي.
اذا كنت طالعته واستمتعت به بشكل ما من حيث ان في الذنب متعة وقتية.. ما الذي تستفيده وأنت تغوي به الناس..
هل تعلم ماذا يسمون الذي يوزع المتعة الحرام… ؟ ارحم نفسك وارحمنا.
خجل ابو عبدالله واعتذر.. وقطع كافة اشكال الرسائل التي يرسلها لي بما فيها أدعية الجمعة المعتادة… الله يجزاه خير كف عني الشر والخيرمعا!
هناك من جعلوا من هواتفهم مواخير لكل لقطات الزنى والفحش والفجور والملاهي والمراقص… منهم مراهقون ومنهم شباب ومنهم رجال متزوجون… ومنهم شيبان في تالي العمر لم يردعهم السن وهزال العمر… ومنهم فتيات ونساء يعلمن أولادهن الحشمة وبناتهن العفة ويختبئن في اركان خفية يطالعن مشاهد لخلفيات هيفاء وهبي وسيقان ميريام فارس، والكل أصبح خبير في هذه الامور، فلم يعد في الأمر سر،
لقد اصبحت الفاحشة مشاع ولا تحتاج الى تلصص.
يقول لي صديق ملتزم: يااخي انا كنت لا اطالع في التلفزيون الا الاخبار…
أما الآن فإن الفتنة غزت حتى الاخبار .. فكيف تطالع وتغض بصرك – في الوقت نفسه – عن حقن ريم صوالحة بكمية سيليكون مبالغة.. وكيف تتابع أخبار الجزيرة دون أن تتابع تسريحات ايمان بنورة… حديثنا عن الهاتف لا عن التلفزيون، وإن تداخلت الأمور ببعضها.
قال مالك بن دينار: (رحم الله عبدا قال لنفسه..ألست صاحبة كذا، ثم ذمها، ثم ألزمها كتاب الله تعالى فكان لها قائدا..(هاتفك هو مرآتك
غريب هذا الجهاز الذي يحدد شخصيتك
هناك من يخجل من أن يحمل نوعا قديما من الأجهزة من نوعية (جهاز أبو ليت) مثلا.. أمام ثورة الآيفون والبلاك بيري
لا لسبب إلا لأن الشخصية وصورتها لدى الآخرين… مرتبطة بالنوع الذي تحمله يدك من موبايل.
لكن ماذا عن المحتوى:
في المسجات .. هناك من تفتح موبايله فلا تجد الا ذكر الله والعلم الغانم وصلة الرحم بينه وبين اهله.. حتى وان تطفل احدهم وارسل شي ء مخلا… يحرص ان يجعل هاتفه دائما نظيف… لانه شخص نظيف
هناك من جعل من نكت المحشش شغله الشاغل… يضحك ويرسل.
وهناك من جعل هتك ستر الناس قاعدة في مسجاته.
وهناك من جعل التهكهم على القبائل همه اليومي.
قال تعالى (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)
وقال رسوله: (وهل يكب الناس على مناخرهم الا حصائد السنتهم)؟
هل فكرت ان يكون هاتفك مشرفا … تحفظ فيه اسمك وشرف عائلتك.
قبل عدة أعوام دعاني لوليمة عشاء، مدير مكتب المسؤول الأول في دولة خليجية.
جلس بجانبي وبدأ يفتح لي صور يحتفظ بها في موبايله (إي والله هذا ما حصل)
وسألت نفسي: كيف لهذا الذي كشف ستر بنات الناس أن يؤتمن على مكتب مسؤول الدولة؟
وهل يدل هذا الشخص على شخصية المسؤول…
… وهل ياترى سيشن حملة تنظيف على تلفونه؟
وياترى لو دخل احدهم إلى منزل وسرق كل هواتف أهل البيت… ماذا يكتشف من بلاوي؟
نصيحة من أخ لك يحبك..
ابدأ
نظف… من الآن
نظفي من الآن
كل كلمة في هاتفك انت مسؤول عنها أمام الله
كل صورة ترسلها..
كل نكته تبعثها… محفوظة في صحيفة يدوّن كتبتـُها كل شيء… وسيقرأونه عليك في يوم قريب جدا.. جدا.
ماذا تخزن فيه من صور ولقطات وفيديو… ما اسمك في البلوتوث ، ما شعارك في الواتس أب؟.
ما نوع المسجات التي تتلقاها؟.
من هم الأشخاص الذين تحتفظ بأرقامهم في أجندة الهاتف؟.
هل هذه أسئلة عادية؟
هل تخزن في موبايلك (أشخاص) بأسماء غير اسمائهم؟
هل يزعجك أن تقلب زوجك (زوجتك، اختك، اخوك) هاتفك… ام ان ذلك لا يشعرك بخوف ما؟ (بغض النظر عن الخصوصيات الطبيعية)؟!
هل لديك مكالمات تحرص على سريتها…؟
قالَ الحسنُ:”إنَّ العبدَ لا يزالُ بخيرٍ مَا كانَ لهُ واعِظٌ مِن نفسِهِ ، وكانتِ المحاسبةُ مِن همَّتِهِ”
هل انتهى الأمر…؟
لأ…
لنا موعد
أضف تعليق