آراؤهم

متى يمنع السائق سداً للذرائع؟!

منذ عام 1990 وقضية قيادة المرأة السعودية للسيارة مثار جدل ونقاش يحتد تارة ويخفت تارة أخرى بين فئة وضدها بنفس الحجج والبراهين والأضرار التي يعددها الطرف المؤيد أو المعارض إلا أن ما اختلف بعد مرور عقدين  من الزمان هو تغير نسبة الفرق المؤيدة والفرقة الرافضة لقيادة المرأة فبعد أن كانت الكفة تميل لصالح الرافضين والمتشددين لهذه القضية سابقا أصبحت تذوب حججهم وتتقوض دعائمهم وتميل للداعين لحق المرأة أن تقود مركبتها بنفسها وخاصة أن بعضا من الدعاة وأهل العلم الذين رأوا في ماضي الوقت أن هناك مفسدة لقيادة المرأة فأفتوا بتحريمها من باب سد الذرائع ودرء المفاسد أصبحوا اليوم يفتون بأنه ليس في الدين ما يحرم قيادة المرأة للسيارة وليس الغريب فتواهم هذه ولكن الذي لفت الأنظار هو جرأتهم في هذه الفتوى من بعد أن كان هناك شريحة تُقصي الرأي الآخر أو التسامح في بعض الأحكام الشرعية التي هي محل خلاف واجتهاد .

أيضا المجتمع بدأ يتقبل فكرة قيادة المرأة ويتماشى معها وانفتح للرأي الآخر مع الفضاء الإعلامي،  والإعلام الجديد من بعد أن كان حبيسا للرأي الواحد وما أدل على ذلك من استفاءت الرأي حول هذه القضية وصفحات التواصل الاجتماعي .

إذا القضية اليوم ليست كالبارحة وعلى المجتمع والدولة وأهل الحل والعقد أن يستوعبوا ذلك فعندما تحيل السُلطة القضية للمجتمع حتى يبت فيها أظن ذلك هو أشبه بتعويم القضية وتركها بين ” حانا ومانا “مثل هذه القضية التي نستطيع أن نصنفها من القضايا الاجتماعية ولا تخالف الدين لا بد أن تكون للدولة يدا تفرض مثل هذا الحق البين على من يرفض إقراره، كما فرضت الدولة تعليم المرأة في ظل اعتراضات شديدة كانت تخضع لأعراف أو قواعد فقهية تستند عليها في حكمها كالتي تستند عليها الآن الفئة التي ترفض قيادة المرأة وكفرض جامعة يختلط فيها الجنسين في السعودية.

المفاسد التي ترمى عقبة أمام هذه القضية ليست محصورة فقط بقيادة المرأة ففتنة المرأة باقية والشباب لن يكفوا عينا أو معاكسة سواء كانت المرأة خلف المقود أو خلف السائق بل إنها الأجنبي تقع بضررين الشباب والسائق الملازم للعائلة ثم لم أرى عيبا أو ضررا يذكر وقع على تلك البدوية التي قادت سيارتها في قريتها، ولم نسمع عن شباب قريتها أن اعترضوها أو وصموها .

أليست تلك المرأة البدوية هي نفسها الحضرية ؟ أليس ذاك الشاب البدوي هو نفسه المدني؟ نصور دائما أن شبابنا ذئابا بشرية ونخاف على فتنتهم وزوال دينهم وهم أكثر شباب يتلقون المواد الدينية في تعليمهم ونصور النساء عندنا أنهن أجسادا عارية وهن أكثر نساء الأرض حجابا ولباسا، ونصور أن فوضى ومنكرات ستحل بدارنا ونحن أكثر بلاد تقام فيه شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بل لا يكاد أن يخلو مجمع تجاري من رجال الهيئة إذا كان هذا واقعنا الجميل علاما التضخيم والتهويل من قضية بات المجتمع  يتشربها يوما بعد يوم ويكثر المطالبين بها وتكبر حاجة المجتمع والمرأة لها فمتى يمنع السائق من باب سد الذرائع ودرء المفاسد ؟

هيا هادي

only_haya@yahoo.com