آراؤهم

حل “أزمة الكويت” المزمنة،،، سر سنعثر عليه!

مفعول الحل يعتمد على مستوى تشخيص المشكلة، لذلك يقال أن معرفة المشكلة نصف الحل، فما لم يتم التوصل إلى المشكلة الحقيقية فإن جميع الحلول ستفشل في غمار التجربة، وهذا ما لمسناه من حلولنا التي “جربناها” على مدى عقود! فلا الحكومة تحترم الدستور، ولا خيارات الناخب جيدة في الانتخابات، وأبناء الأسرة الحاكمة في صراعات ساحتها قاعة عبدالله السالم، والتجار “صافين بعارينهم” على خزائن المناقصات!  وفي النهاية “الديرة” في تراجع!

ملامح الأزمة الكويتية:

في هذا البلد أصبحت غالبية مرافق الدولة تعيش حالة فوضى سواء على مستوى سوء جودة الخدمات أو على مستوى الأشخاص وتدني كفاءاتهم، كذلك الفساد المالي والإداري الذي “ينخر” في عظم مؤسسات الدولة، بالإضافة إلى إهدار المال العام في الهبات والكوادر الغير مدروسة، وكذلك نوعاً ما في العلاقات الخارجية المضطربة والأمن الداخلي المتزعزع، وضياع الرؤية الواضحة للحكومة والشعب في تناول قضايا البلد والطائفية التي تجتاح نفوس المواطنين حتى شكلتهم في صورة دويلات “نفسية” تعيش حالة حرب “ذهنية” مزمنة!

سبب المشكلة:

في مقالة سابقة لي بعنوان (هل الأزمة في صراعات الأسرة الحاكمة أم في وعي الشعب؟ ،،، لا هذا ولا ذاك!)، منشوره في جريدة الآن وعالم اليوم والحقيقة، توصلت مع القارئ إلى أن المشكلة تكمن في قصور دستوري خطير والذي منح الحكومة الهيمنة على وزارات الدولة والمال ، بالإضافة إلى أن تعيين رئيس الوزراء يكون من غير أي مشاركة شعبية، لذلك فإن هذه الحكومة وبسبب هذا النفوذ استطاعت إدخال المواطن في حلقة “الحاجة” بحيث أنه لا يمكن أن يحصل على ابسط حاجاته إلا عن طريق نائب “بصام” وبالتالي أصبحت الحكومة على قدرة عالية في التحكم بخياراته أثناء الانتخابات والذي لا يستطيع في الغالب فك هذه الحلقة ، لينتهي مصير مجلس الأمة تحت “بشت” الحكومة والذي جعلها تأمن العقوبة،،، ومن أمن العقوبة أساء الأدب!

لا يعني أن حل هذه الأزمة سيكون بنسف أو تبديل الدستور، إنما نحن فقط بحاجة إلى إجراء عملية جراحية له لتدارك هذا القصور “القاتل” الذي أدخل البلد منذ نشأته في دوامة صراع السلطتين التنفيذية والتشريعية وتعطيل عجلة التنمية، فلا تجربة “توعية الناخب” إفادة ولا إنهاء صراع أبناء الأسرة الحاكمة “ممكن”، لذلك من الضروري جداً إيجاد حل قبل “فوات الأوان” ! بحيث يشمل هذا “الحل” في عمومه على أمر واحد وهو إدخال صوت الشعب في اختيار رئيس الحكومة لكسر حلقة الحاجة!

الحكومة المنتخبة “حل غير واقعي”، لماذا؟

إن الحديث عن فكرة “حكومة منتخبة” يثير حفيضة فئتين من الشعب، الفئة الأولى هم أبناء الأسرة الحاكمة الذين يرون أن هذا الأمر سيسحب البساط من تحتهم ويجردهم من أسلحة السلطة، والفئة الأخرى هم مجموعة من الشعب يخيفهم الحديث عن رئيس وزراء شعبي بسبب تجارب سابقة سيئة، منها وجود وزراء فئويين “من الشعب” قد قاموا باستئثار أقاربهم في الوزارة على باقي أبناء الشعب، لذلك كيف يمكن أن تقبل هذه الفئة أن يكون رئيس الوزراء شعبي “قبلي أو مذهبي أو …”! وبالتالي نجد أن مثل هذه الفكرة ستواجه الفشل في حال طرحها هذه الأيام لأن الفئة الأولى ستستخدم كل ما أوتيت من قوه “نفوذا”وعن طريق استغلال الفئة الثانية “شعبياً” لوأد مثل هذه الفكرة في مهدها.

رئيس وزراء “مزيج” ،، حل أفضل:

في دستورنا الحالي فإن سمو أمير البلاد له الحق المطلق في اختيار رئيس الوزراء، كما أن الشعب الكويتي من الفئتين التي تم ذكرهم لا يقبلون إلا أن يكون رئيس الوزراء من الأسرة الحاكمة، لذلك وكخطوه أولى يجب نقوم بعمل “مزيج” يرضي الأطراف ويضمن دخول الشعب في اختيار رئيس الوزراء.

كل أربع سنين ومع انقضاء عمر المجلس يقدم سمو أمير البلاد ثلاث أسماء من أبناء الأسرة الحاكمة للشعب من أجل اختيار أحدهم رئيساً للوزراء وذلك عن طريق عمل استفتاء شعبي ملزم بالتزامن مع الانتخابات البرلمانية ، وكنتيجة لذلك فإن كل “شيخ” سيجد نفسه ملزماً بتقديم برامج تنموي منافس ورؤية واضحة لحل أزمات البلاد حتى يحضى بدعم شعبي، إنني حينما قلت “استفتاء شعبي” فأنا أعني بذلك وجوب عدم ترك هذا الخيار لأعضاء مجلس الأمة الذين يكونون عرضه للشراء بالمعاملات أو المال، وكذلك حتى نضمن أن يتم القضاء على “الالتفاف” الحكومي وبقاء الحكومة تحت أعين الشعب!

خلاصة الحل:

على العموم فإن أي حل يجب أن يدور فلكه في كسر حلقة الحاجة، وأن مشاركة الشعب في اختيار رئيس الوزراء نوع من الرقابة الشعبية التي ستجعل رئيس الوزراء يدور في فلك مطالب ناخبيه، وحتى يكون له برنامج واضح يتم محاسبته عليه بعد انقضاء الأربع سنوات، وبالتالي فالإحساس بالأمان “السلبي” الذي يقف وراء التمرد الحكومي سينتهي!

كيف يتم التعديل الدستوري؟

هذا هو السؤال الأصعب وإجابته مفتاح “أم الحلول”، فأنا شخصياً لا أثق في مجلس الأمة الحالي ولا أطمع “من وراءه” خير، وأن أي تعديل دستوري من خلاله سيصب في صالح الحكومة أكثر من الشعب ، لذلك فإن التعديل الدستوري الذي نطمح له لا يمكن أن يُمنح الا من خلال مظاهرات شعبية سلمية ولا يجب أن يُقبل إلا من خلال استفتاء شعبي للموافقة عليه.

إن الأوّلى لمطالب الشباب في مظاهرات الجمعة أن تكون لتطوير النظام وتعديل القصور الدستوري الخطير، لا لتغيير الأشخاص والدخول في أجندات تخص صراعات أبناء الأسرة الحاكمة، في تصوري يجب أن تكون مطالبات المتظاهرين يوم الجمع المتتالية تصب في المطالبة بأي تعديل دستوري يتيح مشاركة الشعب في اختيار رئيس الوزراء بأي شكل كان! وللتذكير: فإن للحرية ثمن غالي يجب أن ندفعه!

الحل المقدم هو حل أولي يفتح باب لحلول أخرى و إخواني القانونيين الأفاضل أقدر على تكييفها قانونياً.

طلال عيد العتيبي

الولايات المتحدة الأمريكية

Twitter:@ Talal_Alotaibi