كتاب سبر

السيجارة الأخيرة

وإنها لشرعة السماء: غيّر نفسك… تغيّر التاريخ! (مالك بن نبي)

-1-

8 آلاف دينار كويتي صرفتها على التدخين!

كان يمكن أن يكون هذا المبلغ ثمن سيارة  “تعلن وكالتها باستغباء” أن  قيمتها 6 آلاف

و 999 دينار!

8 آلاف دفعتها على مدى 20 عاما خدمة في عالم المارلبورو الأبيض على اعتبار أنني أشتري (باكيتين) كل يوم.. مهملاً تلك التي اشتريها عندما تنتابني نوبة كرم… فأشتري (كرز) آخذ منه واحدا… وأترك الباقي في سيارة صديقي.. (كرم سلبي لا أجر فيه).

8 آلاف دينار كان يمكن أن أشتري فيها مئة ذبيحة أبيّض فيها وجهاً أنهكه أول أكسيد الكربون!

8 آلاف دينار.. كان يمكن أن أكفل فيها يتيما لأقف موقفا كريما… يوم تبيض وجوه وتسودّ وجوه.

لكني دفعتها لشركات التبغ… فذهبت إلى بطن (أبو بطين) وكيل السجائر الأشهر في الشرق الاوسط.. الذي بدوره سيصرفها على الثقافة (الله يسلمه). وكل الأرباع والأنصاص التي يصرفها الوراعين والبزارين والوغادين عند بقالات الجهراء والأحمدي ستذهب إلى جيب (ابوسعود) الله يسلمه ويخليه للثقافة والمثقفين.. ليقيم فيها دورة شعرية جديدة للنهوض بالأمة.

أذكر أن الأخ  خلف الحربي نشر له لقاء في مجلة الرجل كان عنوانه (وكيل السجائر في الشرق الأوسط.. لا يدخن!) فغضب غضبا شديدا على العنوان! وأنا اليوم أطالبه.. أن يعيد لي الـ 8 آلاف التي أخذها مني … أما صحتي، والدشاديش الجديدة التي لم أهنأ بها بسبب شرارة من سيجارة، ووقوفي المفاجئ في عرض الطريق بحثا عن عقب مشتعل انحشر تحت “الكشن” (فعليه العوض و منّه العوض).

-2-

إي والله يابومضيان 8 آلاف … وأنصحك بالاقلاع ياصديقي.. أرأيت لو أن ولدك طلب منك نصف دينار ليشتري من البقالة، وكنت تظن أنه مثل كل الأطفال سيشتري “عصير وبطاط”… لكنه اشترى علبة سجائر؟ 

ما أنت فاعل؟

-تغضب وتحرمه..

– وإن كررها؟

– تغضب وتعاقبه

– وإن كررها؟

– تغضب و(تمحّطه)!

فما بالك وقد رزقنا الله الأنصاف والدنانير والعشرات والمئات وأمرنا (كلوا من طيبات

ما رزقناكم) فصرفناها على هذا الخبيث… ألا نستحق (التمحيط) الرباني؟

-3-

لا بد للنفس من سوط يكسر شهوتها.

مسكت السوط لنفسي وبدأت بتمريغ أنفها في التراب..

“فكفى بالمرء إسرافا أن يأكل كل ما يشتهيه ويفعل كل ما يهواه”

وبدأت… أنتصر على شهواتي..

حتى جاء يوم… دعاني الأصدقاء إلى الشيشة… وبدأت أول ولعة!

فكأني نجيت من القوم وطحت في السرية

أو كمن هرب من عقرب وفزع إلى حية!

يعني لا طبنا ولا غدا الشر..

نصحني بعضهم بعلك خاص لترك التدخين يحتوي على النيكوتين

لكن السيجارة أرحم بكثير

تركت النصائح الأرضية… وتطلعت إلى النصيحة السماوية:

(ففروا إلى الله)

خرجت من فندق التوحيد ودخلت من باب الملك فهد…

وتقدمت حتى تبين أمامي البيت العتيق

جلست عند أقرب برّادة ماء زمزم… وشربت حتى تضلعت، ورفعت يديّ: اللهم إني أحب ان

اذكرك بفم طاهر… فطهرني من خبث التدخين.

(وماء زمزم لما شرب الله)

مرت فترة بسيطة… وفي ليلة عدت وقد أجهدتني السيجارة.

فقررت الإقلاع عنها إلى الابد

حدث ذلك منذ 3 سنوات أو أكثر

واليوم أنا أصعد السلم ركضاً واعود منه 3 مرات دون ان أفحّ!

وأدخل المسجد بثياب تعط بدهن العود غير المختلط بدخان…

-4-

و في هذا الصيف… لو سألت أي مدخن: كيف هي رائحة مكيف سيارتك؟… سيكون أبلغ جواب

منه: رائحة فار ميت!

جرّب واسأل أي مدخّن..

ياصديقي المدخن… مهما حاولت مع مكيف سيارتك… ستظل رائحته نتنة،

ومها بخرت ثيابك… ستكون رائحة التدخين اقوى

واياك ان تخلط العطر والتدخين.. فانهما سيتفاعلان وينتجان خليطا مزعجا.

كم صرفت على التدخين من مالك

كم صرفت من صحتك

اما آن لك ان تنتصر على شهوتك… وتطهر انفاسك؟

-5-

جرّب أن تروض نفسك وتحرمها… الجمه، ولاتدعها تركبك، كان سفيان الثوري إذا شبع ليلة أحياها، وإذا شبع في يوم واصله بالصلاة والذكر، وكان يقول: أشبع الزنجي وكدّه!

أعلم أن الأمر صعب في البداية، لكنك ستسخر من سفاهة الفعل في النهاية..

قال لي صديقي الشاعر المعروف (متعب) الذي أنعم الله عليه بالالتزام فقاطع الشعر والتدخين: والله اني كنت أخرج من المدرسة فأتلطم وأدخن… كانت أياما صعبة والحمد لله الذي نجاني منها.. فالصبر بالتصبّر.

-6-

وإلى وقت قريب كنت أعلل النفس ببيت بندر بن سرور :

(سلـّط على الدخان لو هو مضرّي… له حزّةٍ عند احتكام المصيبة)

لكني لم أنتبه إلى الخطأ الفادح في تركيبة بيت الشاعر الفحل، فعند احتكام المصيبة لن يكون للدخان سوى طعم المصيبة.. عند احتكام المصيبة توضأ… وقل:(أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء)…

-7-

مركبك نفسك.. إذا ركبتَ نفسك نجوت، وإذا ركبتك نفسك هلكت! (مصطفى محمود).

-8-

….

ماذا تنتظر… إرم الباكيت في الزبالة، فوالله إنه ليس بأنظف منها!

…………………..

… وللحديث عن تغيير النفس تتمة..