كتاب سبر

أنظمة “حمارة القايلة” العربية

حكايات مرعبة و مريرة ترد إلينا تتفوق على القصص التي كانت تحكى لنا ونحن أطفال عن الجن الأزرق والأشباح والعفاريت (حمارة القايلة)، (ابو رجل مسلوخة)، (وامنا الغولة)، التي تخطف الصغار حتى لا نخرج من المنازل والبيوت أو نبتعد عن الحي. وعندما كبرنا عرفنا زيف هذه القصص المقيتة، ولكن لم نتوقع أن تتحول هذا القصص إلى حقيقية واقعية وتستبدل شخوص الحكاية (بالشبيحة) وكلاب الأنظمة الديكتاتورية المسعورة!
حمارة القايلة أو حمار القايلة ومعناها حمار الذي يظهر في وقت الظهيرة، هي نوع من أنواع الخرافات الشعبية الخليجية التي تدور حول الجن، وهي شبيهة جدا بالغول أو الغولة في مصر وبلاد الشام وهو الكائن الذي يحمل رأس إنسان وأرجل حمار وجسم آدمي ويقال انه وحش مخيف يأكل الأولاد الصغار الذين يخرجون في وقت الظهيرة، وقد نسجت الحكايات والقصص حولها بسبب  رحيل أو موت أو تعرض احد الأقارب والأصدقاء للمضايقات أو الاختفاء على يد هذا الكائن المسخ القبيح.
الأنظمة العربية الثورية أنظمة الصمود والتصدي تعيد تذكيرنا بالحكاية القديمة القميئة متفوقة عليها في الخيال والحبكة من خلال قتل و ذبح ونحر وسحل كل من يتجرأ على الخروج في الشارع من الأطفال قبل النساء والرجال ودفنهم في مقابر جماعية. لقد وصل عدد الأطفال السوريين الذين سقطوا قتلى في الاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ اندلاعها إلى نحو 100 طفل أبرزهم حمزة الخطيب و طفل آخر اعتقلتهما قوات النظام، واختفيا مدة شهر قبل أن يظهرا في فيديو اليوتيوب ووسائل الإعلام جثتين هامدتين عليهما آثار تعذيب وحشي، تظهر مدى الألم الذي عاناه هذان الطفلان قبل موتهما ويقال أن النار أطلقت على الطفل حمزة الخطيب بعد اعتقاله و تعريضه لتعذيب وحشي كما قطع عضوه التناسلي ليكون عبرة للآخرين؟ّ!
سبقت حكاية التمثيل بجثة الطفل حمزة الخطيب السوري، قصة الشاب المدون المصري خالد سعيد المشوه، والتونسي بائع الفواكه محمد البوعزيزي المحروق  وغيرهم العديد في البلدان العربية الديكتاتورية وربما أن القائمة في انتظار المزيد من الحكايات والقصص الغريبة والعجيبة في الدول المرشحة لدخول نادي الثورات العربية؟ لكل مع ذلك تحول هؤلاء إلى رموز الثورة بامتياز. حتى في باريس عاصمة النور الأوربية كما يطلق عليها تمت إقامة تمثال تذكاري لمحمد البوعزيزي وأطلق اسمه على احد أحد ميادين باريس  كرمز رمزا للكفاح من أجل الديمقراطية والعدالة والحرية.  
يقول المثل الانجليزي طائر سنونو واحد لا يجلب الصيف”  (One swallow does not make a summer)، وهو ما قد ينطبق على انتفاضات الشوارع العربية التي قد لا تأتي بالديمقراطية المثالية كما نتصورها، ولكنها أمل في أن التغيير قادم مع أسراب طيور السنونو العربية الثائرة من بلاد الشام إلى الخليج واليمن إلى آخر قرية موريتانية على الخارطة العربية، لتعيد لنا الدفء بعد العيش الطويل في الشتاء والبرد الاستبدادي القارص؟!