كتاب سبر

هنا البحرين

مَرَجَ البحرين فريقان، بينهما برزخْ.

يتحاوران على بُعدِ فرسخْ.

فيتوقفُ المشهد، ونعلقُ بروازَ الصورة ..

مرج البحرين مضطربان، والخُلْفُ يرسخْ.

يرتطمان، والرأسُ ينضخْ.

فنجمعُ بعضَ الأشلاءِ، ونعيد تجميع الصورة..

فَرَجَ البحرين يستنجدان! يا قومنا أنقذونا! يا ربعنا أو خذونا!

فتنهض الأرض كلا.. كلهم أولادي، وتعيد دمج الصورة..

هي البحرين على كل حال، فاعلاً جاءت أم مفعولاً به.. مبتدأ أم “خبراً عاجلا”، عاطفةً أم معطوفاً عليها، هكذا تكتب وتنطق وتقع، محصورة لا ترفع، منثنيةً كالسنبلة، متأنيةً كلقمان الحكيم، متمنيةً كفتاة أربعة عشر.

فيا عمّار البسيطة؛ ويا سكان الحجر الضيقة، ويا أصحاب العقول المركبة.. يا أهل القلوب المشتتة، أيها الشعوبيون، أيها العروبيون، أيها الكونفدراليون..، كفُّوا عن التنبيش في سقط المتاع، وشاهدوا (هنااااااك) في الأفق حقيقةً تقف لوحدها شامخةً لم يطمثها إنس ولا جان، متوشحة بالثبات، متبرجة بالثقة، متعطرة بالفأل الحسن، تترنم “أن لكل أمة من الأمم ممالك وإمارات وعلامات”…، 

فإذا كانت دول الخليج شبه جزيرة للعرب، فارسموها في الخريطة، واكتبوها في الكتب، واحفظوها في القلوب، أن البحرين هي الجزيرة.

وإذا كانت العراق بلد الرشيد والمليون نخلة ماتت واقفة، ولف جثمانها من جيران الشمال، وصلي عليها من جيران الجنوب، فإن البحرين بلد آل خليفة والمليون نخلة لا تموت.

وإذا كان أهل “أي ساحل” هم أكثر الناس شهامة، وأعمقهم أصالة، وأسرعهم نجدة، وأرأفهم قلباً، فإن البحرينيين قد طوقهم البحر من كل جهة كأنه عقد يحيط بعنق..”وفي عنق الحسناء يستحسن العقد”..

لم تراعي، أيتها الفاتنة المفتونة، ولكن هل تذكرين ابنك المحب الذي يقف أمامك مغيب كل شمسٍ حصيلته صفراً؛ شاكياً باكياً : “عذاري لي متى تسقين ذاك النخل لبعيد.. عطاشه ننتخي يمك ونرفع صوتنا ونعيد” حتى جف ماء عينه وجف ماء عينك.. ألا زلتي بالتراب تضمينه؟، ماذا عن خلفه؟!!، هل ساءك أنه لم يطق صبراً كما فعل أبوه؟، فذهب يسترزق فألقموه ثدياً مريضاً، وأرضعوه حليباً مسرطَناً، ثم عمروه عمامةً، وألثموه صورةً، وناولوه رايةً لا تمت له بصلة “ولا ثومة” ..

لميه يا أمه فإن الابن الجافل أحوج إلى الضمة والنشقة من الابن المستأنس، عطري عنقه بأنفاسك، وطهري زنده المفتول بدمعة علّها ماء الحياة، وأما أنتي فلا عليك وليس الخذلان حواليك، فإنك والخليج كنتي ولا زلتي كتوأم سيامي تم فصله نتيجة عوامل بيولوجية محضة، لا طائفية كاذبة خاطئة، وإنك ولو صرتي جزيرة مفصولة، فسيبقون بأصولهم وفروعهم ودروعهم “درعاً للجزيرة”.

وكل من ازدرى تأوهك من طعن العقوق، أو أستكبر تَغوثّك من الفوضى، أو أستكثر نشلك من رجس الطائفية، فهم إما رجل مغلوب على دين دون دين فليس له من الأمر شيء، أو رجل مغلوب على خلق دون خلق أستبدل ما هو أدني بالذي هو خير، أو رجل غاب عنه أن القانون حين الفتنة لا يحمي الغافلين..، أو غراب راح يختال كأنه طاووس فضحك منه كل ماشِ على رجلين وكل طائر بجناحين.

اللهم لولا أنت لم يناموا آمنين، ولولا أنت لم يأكلوا هانئين، و لولا أنت لم يصلوا خاشعين، فيا رب السموات والمحيطات أحفظ البحرين، وأنزل السلامة والسكينة على أهلها (كلهم) أجمعين.

****

حينما يكون الحوار بلا سقف، يجب أن تكون قاعه صلبة.

zalfaleh@Twitter

Zaid_alfaleh@hotmail.com