كتاب سبر

القذافي ينتصر 2

في مقالٍ سابقٍ تعرضت لموضوع إنتصار القذافي في الأزمة الحالية في الجماهيرية الليبيه الشقيقة بناءً على تخاذلات متوقعة من إيطاليا والموقف الفرنسي الركيك وتملص الولايات المتحدة الأمريكية منذ بداية الأزمة الليبية .

واليوم يُعلن رسيماً عن نهاية هذه الحرب التي أثبتت مدى ركاكة الموقف الأوروبي ومدى سذاجة المعارضة الليبية التي لم تلعب اللعبة السياسية بقدر اللعبة العسكرية على الأرض، فلقد قدم الشعب سيلاً من الدماء ولكن لقيادة ضعيفة وغير مؤهلة , ففي صباح الخميس 14 يوليو طلب الرئيس الأمريكي باراك أوباما من الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف القيام بدور في المفاوضات مع الزعيم الليبي معمر القذافي لإنهاء الصراع. 

ولقد وافق رئيس الولايات المتحدة بالصيغة الروسية الليبية لانهاء الحرب والتي رفضها قادة حلف شمال الاطلسي عندما إجتمعوا مع الرئيس في منتجع سوتشي على البحر الأسود الاسبوع الماضي. ??وحين العودة لتاريخ الحرب الليبية فإن العقيد القذافي وفي تاريخ الرابع من أبريل و بعد عشرة أيام فقط من بدء حلف شمال الاطلسي لعملياته الجوية على ليبيا قد أرسل مبعوثين إلى أثينا واقترح على رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو لبحث التفاوض مع حلف الناتو، وهذا مارفضه رؤساء حلف شمال الأطلسي لإعتقادهم بأنهم كانوا على مسافة قريبة من تحقيق إنتصار سريع للإطاحة بالعقيد القذافي.  وهذا مايقبله الآن حلف شمال الأطلسي وعلى الرغم من ذكر تنحي العقيد القذافي في الإتفاقية إلى أنها لازالت نصراً له فهذا البند سوف يتم تجاوزه بصيغة أو بأخرى.

?لقد توقفت الضربات الجوية لحلف شمال الأطلسي ضد الأهداف الموالية للحكومة الليبية في طرابلس وغيرها من الأماكن. وعلى الرغم من الوقف الغير معلن لهذه الحرب إلا أنه من الواضح أن حلف الناتو لم يحقق أي تقدم على الأرض وعلى الرغم من أن القذافي لم يستخدم أية قوية جوية لمجابهة المقاتلات الغربية إلا  أنها لم تحقق أهدافها غير تحييد القوات الجوية للعقيد القذافي من ضرب الثوار الليبيين. وفي تطور آخر فإن وزير الدفاع البريطاني ليام فوكس صرح أنه لا أحد يعرف متى ستنتهي هذه الحرب، وأن القوات البريطانية البحرية و الجوية لا تملك الوسائل اللازمة للمواصلة بالإضافة إلى التحجج بنضوب الترسانة العسكرية المخصصة لهذه الحرب و زيادة الضغوط على كل من الأفراد والمعدات.???ومن جهة أخرى فأن إيطاليا وهي اللاعب الرئيسي في الجهود العسكرية لحلف الناتو ، سحبت الأسبوع الماضي سراً طائرات غاريبالدي – 551 من من سلاح الجو وهذه تعتبر إنتكاسة كبرى لحلف شال الأطلسي . وبالعودة للموقف الفرنسي وهي رأس الحربة في هذه الحرب فإن فرنسا قلصت الأصول العسكرية التي أُستثمرت لتمويل هذه الحرب بعد أن وجدت أن الثوار المناهضين للعقيد القذافي  لم يحققوا أي  تقدم ملحوظ ضد القوات الحكومية. ولقد حاولت فرنسا نقل دعمها من بنغازي إلى القبائل البربرية الإنفصالية لقتال القذافي في ليبيا الغربية و أمر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي نقل الأسلحة بالمظلات لمقاتلي القبائل في غرب ليبيا ، خلافا لقرارات الامم المتحدة وحلف شمال الأطلسي ولكن القبائل البربرية إستخدمت الأسلحة الفرنسية لنهب المدن والقرى بدلاً من محاربة القوات الحكومية.  ولذلك صرح وزير الدفاع الفرنسي بأن الوقت قد حان لبدء المحادثات بين الثوار الليبيين والعقيد القذافي. 

إن التحول الذي حدث في المواقف والرضوخ من قبل الإدارة الأمريكية وحلف الناتو يعتبر نصراً للعقيد القذافي فبعد أن ذهبت المطالبات إلى أبعد حد مع القذافي تقلصت الآن لكي يجلس كل من حلف الناتو والولايات المتحدة والمجلس الإنتقالي مع العقيد القذافي وبرعاية روسية فبدلاً من أن يجلس القذافي في قفص الإتهام فإنه يجلس الآن على طاولة المفاوضات .

لقد ساندت دول الخليج وأيدت ودعمت وموّلت المشروع الغربي في ليبيا وإستضافت رئيس المجلس الإنتقالي وكان لها وجوداً عسكرياً على الأرض من خلال الطائرات الحربية الإماراتية والقطرية, وهذا الموقف الخليجي المُتسرع والمبني على رؤية غربية قد يكون له إرتداداته العكسية وفي أكثر من دولة. بالإضافة إلى أن القذافي وبكل صراحة قد هدد بنقل الحرب إلى الدول الأوروبية وهدد أيضاً بدعم الأقليات ليُثير البلبلة في الدول الأوروبية التي يعتبر الأمن هاجسها الحقيقي ونحن في دول الخليج لانسعى لإستعداء الآخرين ولكن الخطوة الأخيرة لم تكن بالخطوة الموفقة.?

‏alfadli@hotmail.com

‏http://twitter.com/#!/HassanAlfadli