كتاب سبر

رفقاً بالكويتيين ياحكومة

الضجة الحالية حول قانون منع الاختلاط و محاولة ربط مشكلة قبول الطلبة الخريجيين بالجامعة هي برهان ساطع مرة أخرى على فشل السياسات الحكومية من جهة، وعلى النهج الذي تعالج به الحكومة المشكلات المختلفة. 

وبصراحة، يبدو أن الحكومة الحالية ومن سبقتها تفتقد إلى الشرط الأساسي الواجب توافره في أية حكومة يوكل إليها أمر إدارة بلد و مجتمع، و هي الرؤية و التخطيط الاستراتيجي. 

فقانون منع الاختلاط لم يصدر بالأمس و لم يكن مفاجئاً إذ أنه أقر منذ عام 1996، ومن ناحية فالقانون خضع لنقاش شعبي و فقهي موسع وصدر عن أعلى مؤسسة تشريعية في الكويت و هي مجلس الامة، بمعنى أن القانون كان نتاجاً للعملية الديموقراطية وتوجهاً لأغلبية المجتمع.

 لذلك لا يمكن إيجاد مبررات للحكومة في تقصيرها عن مراعاة ذلك القانون وتجهيز كل ما يلزم كي يصبح ساري المفعول و يحقق الأهداف التي شرع من أجلها. 

وعندما نتحدث عن القصور الحكومي و مظاهر الإخفاق في إدراة شؤون البلد، أليس غريباً أن يظل شباب الكويت وبناتها مرهون مستقبلهم بجامعة واحدة يتيمة منذ الستينات وحتى وقتنا الحالي، ألا يعد ذلك ظلماً بيناً بحق أجيال متعاقبة من أبناء الكويت. كذلك هناك ظلم آخر مضاعف يقع على الجيل الحالي من الشباب الكويتي، فالخيارات البديلة للجامعة الحكومية تتمثل في الجامعات الخاصة والدراسات في الخارج، هذان خياران يعكسان فئوية في الرؤية و القرار. فليس الكويتيون جميعاً قادرين على تحمل كلفة هذين الخيارين.

على الجانب الاخر، هناك أصوات تحظى بتشجيع الحكومة ودعمها لتحويل الأنظار عن مشكلات حقيقية يعاني منها التعليم العالي في الكويت. فعلى سبيل المثال، لم تراعي أغلب الانشاءات و التطويرات التي أجريت على مباني جامعة الكويت قانون منع الاختلاط، بل كانت تسير في النقيض من ذلك في اتجاه آخر، وكأنك تهدم بيد ما تبنيه يدك الأخرى. كما أن ذلك القانون استخدم من قبل تلك الأصوات نفسها لتبرير الفشل في وضع سياسات التعليم العالي و التخطيط لها، فأصبحت مشكلات مثل التأخر في التخرج والشعب  المغلقة و غيرها تعلق ظلماً على شماعة قانون منع الاختلاط.

في الحقيقة لا أعلم كيف لأداراة حكومية لا تحتسب لحجم مخرجات التعليم العام أن توازن وتخطط لقضايا أخرى متصلة بها مثل حاجات سوق العمل و الطلب عليه والمواءمة بين مخرجات التعليم العالي وخطط الدولة [الموضوعة على الورق فقط ]، و لكن في ظني أن إثارة قانون منع الاختلاط في الوقت الراهن هو وثيق الصلة بالمأزق الكبير الذي يقع فيه النهج الحكومي، ويكشف عن نفسه مره تلو الأخرى، و من المؤسف أن تتعامل الحكومة مع المأزق بأقدم خدعة في التاريخ، أن تحدث ضجة في مكان بعيد عن مكان آخر تقع فيه كارثة حقيقية !! رفقاً بالكويتيين البسطاء ياحكومة.

والله الموفق ..