كتاب سبر

وزارة “التشتيت” الواطي!

وزارة التعليم العالي، لم تعد وزارة للتعليم أبداً.. فقد تبدَّل الحال، ولأن دوام الحال من المحال، تحوَّلت بفعل فاعل إلى وزارة “التشتيت” الواطي. ولأننا دولة مؤقتة على رأي الوشيحي، لا نراعي ظروف الناس، ولا احتياجات المواطن، كما هو واجبنا، أو من المفترض أن يكون كذلك، بقدر ما نحاول بشتّى الطرق التضييق عليه، لنخفف من العبء الملقى على عاتقنا، ونرتاح من دلع هذا المواطن أو ذاك.. ومن المؤسف أن يتم ذلك التضييق بطرقٍ قانونية ورسمية من الدولة، والمتمثلة في وزارة التعليم العالي!. 

لن يشعر أحد بمعاناة خريجي الثانوية، وضياع مستقبلهم أمام أعينهم، إلا إذا ذهب بنفسه مع أحدهم، ليبحثا معاً عن جامعة بها “مقعد واحد شاغر” للتخصص الذي لطالما حلم به هذا الشاب، وسيعرف حجم هذه المعاناة، وستتجلّى له حجم الكارثة التي تنتظرنا، بل سيأتي يوم.. وأنا مسؤولٌ عمّا أقول، لن يجد فيه الخرّيج جامعة في الدول العربية كلها.. بها مقعد شاغر، وبتخصص محترم.

سبب تلك الكارثة التي ستقع حتماً، -إن لم نتداركها-.. هو قرار أرعن، وساذج، ومتسرّع، ولم يُشبع دراسة وتدقيقا وتمحيصا، بل وفيه من العنصرية الشيء الكثير، لأن أكبر شريحة متضررة منه هم الطبقة الوسطى، ولا أقول القبائل تحديداً.

كان يوم شُؤم على الطلبة.. يوم صدور القرار الوزاري رقم (144/2010) بتاريخ 23/03/2010 بتحديد أعداد الطلبة الكويتيين بحيث لا يزيد عن خمسين طالب في (كل كلية). ويعمل به من تاريخه. وكان بعهد الحبيبة اللبيبة “موضي الحمود”.

فهل يعقل على سبيل المثال، أنّ كلية كالهندسة بجميع تخصصاتها وفروعها وعدّتها وعتادها، لا يُقبل بها إلا خمسين طالباً كويتياً فقط؟ وهل يعقل أن نساوي جامعات أمريكا وبريطانيا والجامعات المرموقة، بجامعات الفلبين والهند وغيرها من شبه الجامعات؟ وقد يرى البعض أنّ الموضوع يبدو عادياً حتى الآن، وإن كنت أخالفهم الرأي، ولكن الطامة الكبرى إذا ما حسبناها بالآلة الحاسبة، والأرقام أصدق أنباءً من المليفي.. بلا شك.

أكثر دولتين في الكرة الأرضية استقطاباً للطلبة الكويتيين هما مصر، والأردن.. وسأضرب مثالي بالثانية.. لأني كنت في الملحق الثقافي الكويتي في الأردن اليوم، وهو ثالث يوم على التوالي أشرب قهوتي الصباحية عندهم. ذهبت ومعي وليّ أمر أتى ليسجل ابنه في إحدى الجامعات، وكل مانطرح اسم جامعة يرد علينا الموظف (بتزبطش)، طيب.. الجامعة الفلانية؟ (برضو بتزبطش)! والثالثة والرابعة.. والرد ذاته، والتوقيت السريع في الرد ذاته! فسأل ولي الأمر عن قصة الـ”بتزبطش” هذه؟ وبعد إلحاحٍ منّا.. قرر أن يصدمنا بلطف… “شوف ياسيدي، بتزبطش هاي الجامعات لأنه بموجب القرار كذا لسنة كذا، بنقدرش نسجل أكثر من 50 طالب كويتي في الكلية الواحدة، والمشكلة أنه ساعة ما إجانا القرار، كان في بعض الكليات كالحقوق والإدارة والمحاسبة، أكثر من 400 طالب مقيد، وإزا بدنا نسجل طالب جديد بدنا ننطر تخرّج 351 طالب، من شان نقدر نسجل طالب واحد فقط، وبيكمل العدد 50، وكمان بعض الجامعات وصل العدد في قائمة الإنتظار فيها أكتر من 250”! إنتهى اللطيف من لطفه.. هل قال قائمة إنتظار؟ وبحسبة أرقام حسبها لنا، يقول بأن بعض التخصصات لن يأتي الدور على آخر المقدمين على طلب الإنتظار إلا بعد 15 عام! إي والله قالها لنا وهو يضحك!

الطالب يجب أن يكون (حراً) في اختيار الجامعة والتخصص الذي يريد، حسب شروط القبول والتسجيل المتعارف عليها، لا أن تُفرض عليه الجامعات فرضاً، ويتم تخييره بين عدة تخصصات متاحة.. (وإذا ماتبي ماتشوف شر)! من المسؤول عن ضياع مستقبل هذه الألوف من الطلبة؟ وإذا كانت جامعة الكويت لا تقبل نسبة 77? علمي.. والجامعات الخارجية لا يوجد بها مقعد شاغر.. فلمن يلجأ الطالب بعد الله؟ وأين نواب الأمة من هذه القضية؟ أليست أهم من الاعتراض والامتعاض من عرض مسلسلٍ ما في رمضان؟ أين إصلاحات الوزير أحمد المليفي التي كان يتحفنا بها يومياً في القنوات؟

إبراءً للذمة:- السيد وزير التربية والتعليم العالي الأستاذ أحمد المليفي، أمامك مهمة نعلم بأنها صعبة، ونحن نتوسّم بك خيراً إن شاء الله.. وأرجوك يابو أنس.. أرجوك، لا تهتم بمشاكل جامعة الكويت، وتنسى أبنائك الفقراء والغلابة، الطلبة في الدول العربية، ولن أوصيك على طلبتنا في الدول المتحضرة.. لأن الحريص لا يوصَّى.. ولكم منّا جزيل الشكر وعظيم الإمتنان.

***

نكشة لـ حموكشة:-

عكس كلمة عالي = واطي! 

***

Twitter @ALHShaSh

F.ALHShaSh@hotmail.com