كتاب سبر

القاتل يشبه أباه

السؤال الذي طرحه ملايين المصريين، وهم يشاهدون مبارك ممددا على السرير الطبي، في القفص ويقول “حاضر يا فندم”، كان هو: ما الذي أوصل الرجل الذي كان على رأس السلطة في مصر إلى هذه الصورة؟ الإجابة واضحة ولا تحتاج إلى تفسير، الفساد السياسي، الفساد الاقتصادي، الفساد الذي أصبح كالماء والهواء، وبيع مصر قطعة قطعة إلى رجال الأعمال، ومحاولة توريث الحكم في مصر، ليقفز السؤال الثاني الذي يبدو مهما أيضا: لو لم يكن جمال مبارك موجودا في الصورة السياسية : هل كان مبارك سيصل إلى نفس المشهد الذي وصل إليه.

الإجابة هو أن مبارك كان فاسدا، لكن ابنه عجله بنهايته، ابنه الذي استولى على الحكم، وعلى مصر، وعاث فسادا فيها، وظن نفسه الوريث على مملكة من فيها خدم له، فوزعها على شلة من الفاسدين حوله، السؤال الأخير، هل طرح مبارك هذا السؤال على نفسه وهو ممدد في القفص، وهو يرمق ابنه يقف أمامه في القفص، هل ندم على انه ترك له الحبل على الغارب يفعل ما يشاء.

المشهد الذي رآه ملايين المصريين الأربعاء الماضي كان مشهدا تاريخيا ، ينهي نظرية “الجمهوملكية”، التي تحدث عنها المفكر سعد الدين إبراهيم من قبل، والتي بدأها الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، عندما ورث الحكم لابنه بشار، فجاء بشار ليذبح أبناء سوريا ، ويقصفهم بالدبابات، جمال مبارك كان سيفعل مثله، لو وصل للحكم، ومن قال إنه لم يفعل ، من قال إنه لم يتدخل في فرض سياسات اقتصادية فاشلة وفاسدة، أضرت بملايين المصريين، وشردتهم في بلاد الله يبحثون عن لقمة العيش وأصابتهم بأمراض قاتلة.

ما حدث الأربعاء الماضي كان مشهدا عظيما سيسجلة التاريخ أن المصريين حاكموا فرعونهم، وأفشلوا مخطط التوريث، وبيع ونهب البلد، لكن ثمة سؤال آخر هنا، هل شاهد بشار هذا المشهد، هل اتعظ، هل تراجع عن المذابح التي ينفذها بدم بارد في أهالي سوريا؟

الواقع والتاريخ يقول أن من شابه أباه فما ظلم، فحافظ الأسد الذي أقام مذبحة في حماة سنة 1982، سار نجله على خطاه ونفذ مذابح عدة، من شابه أباه في الفساد فلا ريب، لا ينطبق هذا على جمال مبارك وأبيه الرئيس المخلوع، اللذين جمعهما قفص المحاكمة الجنائى، ونودي عليهما بالمتهمين اللذين اقترفا جرما كبيرا فى حق الشعب المصرى وأجيال مصر،من تزوير فى إرادة المواطنين ونهب الأموال واستغلال النفوذ والتربح وتربيح الغير من أصدقائهما..و تسهيل تصدير الغاز إلى إسرائيل بثمن بخس وبأوامر من مبارك شخصيا، ووفق اتفاقية جعلها بروتوكولا خاصا ملحقا باتفاقية السلام، دون معرفة أحد أو موافقة البرلمان، الذى كان يستخدمه فى موافقته على القوانين سيئة السمعة، التى كان يسنها من أجل مصلحته الشخصية ومصالح بعض رجاله،  وإنما ينطبق هذا التعبير «من شابه أباه فما ظلم» على جزار سوريا بشار الأسد، الذى يقتل شعبه كل يوم بدم بارد، ويطارد المعارضين ويقتلهم، ويستخدم الجيش فى ضرب وقتل المتظاهرين السوريين فى معظم المدن السورية الذين خرجوا من أجل الحرية والعدالة..

لا يقرأ بشار الأحداث، فالقاتل لا يرى إلا لون الدم، الشعب السوري هو الذي يقرأ المستقبل، ويسير على خطى الثورتين المصرسة والتونسية، ويصر على ثورته،  ليزيد عزمه يوما بعد يوم ويخرج ليطالب بإسقاط النظام.. ولم تعد تنفع معه «ترقيعات» يدعى النظام أنها إصلاحية، على غرار ما كانت تفعله الأنظمة “الساقطة”، فمنذ 17 مارس يخرج الثوار السوريون فى معظم القرى والمدن السورية يطالبون بإسقاط الديكتاتور والنظام القمعى المستبد الفاسد فى نهار وليالى سوريا، ويسقط كل يوم عشرات الشهداء بعد أن استعان بجيشه الذى يديره شقيقه وأفراد من أسرته،هذا الجيش الذى يدافع عن الأرض السورية.. يستخدمه المستبد والديكتاتور وريث أبيه فى قتل الشعب الذى خرج ثائرا من أجل الحرية والعدالة والديمقراطية، وهى حقوق أساسية للإنسان، بل تعلم الأسد ورجال عصابته من سلوك القتلة من الديكتاتوريين فى مصر وتونس وليبيا بإطلاق البلطجية، أو كما يطلق عليهم فى سوريا «الشبّيحة» لقتل الثوار والمتظاهرين وتخويفهم وترويعهم، مع هذا لم يخش الشعب السورى من كل هؤلاء، ولا يزال يخرج حاملا رأسه، ليكون شهيدا من أجل الحرية والعدالة والديمقراطية فى سوريا، وإزاحة نظام مستبد فاسد.

لم يتعظ بشار مما شاهده في محاكمة مبارك، والوريث، وأفراد عصابته.

وكما سقط الوريث في مصر، سيسقط الوريث في سوريا..

وستحيا الشعوب.

الوسوم