كتاب سبر

من مذكرات الرحالة.. (چكليته )

جال الموقر “چكليته” أثناء حياته المليئة  بالمغامرات عوالم ومدن لا تحصى، و من أغرب ما دوّنه السيد چكليته عن مدينة تسمى عجائب ستان، وتقع هذه المدينة الصغيرة على ساحل إحدى الخلجان، و تمتاز بأبراجها الثلاثة التي تبدو عليها قسمات الحزن، إلا أنها لا تزال شامخة كشموخ تمثال لينين حتى بعد تداول العملة الخضراء في وسط موسكو.

مما ذُكٍر عن هذه المدينة التي أراد مؤسسوها أن تكون مختلفة عن سائر بلاد المعمورة، حيث جاءت قوانينها “شاذة” عن كل ما هو مألوف للعقل البشري، وكأنهم تعمّدوا أن يكون هناك اتساق بين اسم مدينة عجائب استان من جهه ولأعراف والقوانين العجيبة المعمول بها من جهه أخرى ..

ويحكى أن رجلاً من هذه المدينة يدعى “علي الوحدوي” قتل  رجلاً دون أي ذنب يغتفر و إنما فساداً في الأرض، فقام القاضي بالحكم عليه حسب قانون العقوبات الخاص بالمدينة ” بأن يتكفل بدفن جثة المغدور و أن يرتب مراسم العزاء واستئجار المقرئين و أن يرث أملاك المجني عليه والتكفل بأبنائه لحين بلوغ سن الرشد إن كانوا من القصّر !! ” وقس على هذا المنوال كثيراً، فإذا رأيت رجلاً يتولى مهمة إنسانيه أو “منصباً عاماً” لابد أنه قد ارتكب جريمة وتوليه لهذا المنصب إنما هو عقوبة له، فوزير الدفاع تهاون في الدفاع عن الوطن ، و مدير البنك سرق أموال الناس ، ووزير العدل قد ظلم ، وكلما عظمت الجريمة عظم معها في المقابل المنصب و بشكل طردي ,حيث أصبح يُنظر لأرباب الأعمال و  المناصب بأنهم أرباب “سوابق” ، أما من لا يشغل منصباً عاماً فلابد أن هذا التعيس إنسان سوي ، ومواطن صالح ، لم يرتكب أي جريمة يستحق عليها العقوبة بتولي منصب .. !! لأن الشرف من أعظم العوائق ومن مبطلات النجاح و الوضوء أيضا في عجائب ستان , ومن الطرائف التي لم يغفل عن ذكرها السيد “جكليته”  الشعار الذي يضعه كل مواطن شريف في بيته وهو عبارة عن برواز مكتوب بداخله ( ما  أسهل الوصول للمناصب لولا الشرف )، وفي ظل هذه التناقضات تقهقر المواطن الصالح الشريف وتم إقصاؤه تدريجياً ، لذلك لا تراه ضمن المساهمين في صنع قرارات المدينة فهو لم يُزّور حتى يصبح مُشرّع في ” برلمان المدينة ” و لم يغش كي يكون عضو في ” غرفة تجارة المدينة ” أو لم يرتكب كل الموبقات ” ليترأس الحكومة بأكملها ” .

و بالرغم مما عرف عن السيد چكليته من شجاعة وإقدام مشهود لها في سِيَر الأبطال إلا انه لاذ بالفرار بغية النجاة بحياته من هذه المدينة التي أصبحت قبلة لقطاع الطرق ولا  يتصدر زمام القرار فيها إلا من كانت تحف به الشبهات ولديه صحيفة جنائية سوداء مثل ليل العاشقين حسب ما عبّر الرّحالة ، و ختم حديثه العظيم بجمل تعبّر عن استيائه من وضع المدينة : (( أن تقتل ويحكم عليك القاضي بدفن الجثة فالمجرم هو القاضي وليس أنت )) ( انتهى حديثه ) .

رغم اندثار مدينة عجائب استان من مسرح الحياة  لا تزال بعض الدول امتداد لها ، ونقلاً عن صديق متعهد كبير في مجال ترويج الإشاعات بأنه تم تكليف النائب علي الراشد بملف الوحدة الوطنية .!! وبهذه المناسبة وعلى الطريقة المعمول بها في مدينة عجائب ستان ننتهز الفرصة بمواساة النائب علي الراشد ، على عقوبة توليه هذا المنصب ، خصوصاً و أنه ضليع في مجال وحدة الصف ، وهو صاحب براءة اختراع الحقبة الجويهلية ، ونسأل الله أن يلهمه الصبر والسلوان وان ينهي مدة العقوبة بنجاح .

عشتم وعاش الوطن ..

  عزيزي القارئ رجائي الحار جداً ألا تعتبر هذه القصة بمثابة دعوة لإرتكاب جريمة طمعاً في تولي منصب عام .

معاي شباب ؟