كتاب سبر

“ما أكثر الأصحاب حين تعدهم”

“ما أكثر الأصحاب حين تعدهم”

… و أيضاً ما أكثر الرموز

” لكنهم في النائبات قليل “

… و كذلك من الرموز الثابتين .. قليل

بسم الله رب القليل و الكثير .. اللهم هون علينا مقالنا هذا و أطوِ عنّا بعده، فهو والله سفرٌ و غربة حين يصبح من تعرفه و تستلذ بقربه شخصاً آخر لا أنت تعرفه، و لا أنت أيضاً تريد أن تعيد التعرف عليه مرةً أُخرى، فتعتصم و تتشبث و تردد في نفسك “لا يُلدغ ابن ضادٍ من شاعرٍ مرتين”..

أسفتُ مثل الكثير من الشباب العربي لموقف الشاعر الفلسطيني الشاب تميم البرغوثي من ثورة الشعب السوري في مقالته التي حاول من خلالها أن يأخذ الموقف المستحيل بأن يعلن تضامنه مع الضحية و وقوفه مع الجاني في نفس الوقت، و زاد على هذا بتفهمه لموقف حزب الله الداعم لبشار، و كل هذا التناقض حاول تميم تمريره في ذات الموقف و اللحظة و المقال، و الذي أفهمه أنا تماماً أنه لا يمكن لأحدٍ أن يتعاطف مع الدماء و يدعوا للحفاظ على السكين في نفس الوقت، و يبدو أن هذا ما يفهمه تميم أيضاً فيُلقي أمام الجميع بسؤالٍ مراوغ لم نعهده في تميم الشاعر، و لكنّا رأيناه في تميم السياسي وهو ينطلق من التاريخ القريب للعراق فيتسائل بلا حياء ” كم مرةٍ سيخيرنا التاريخ بين صدام و الجلبي !!؟”.. في إشارةٍ أشعر أنها ماكرة و تشكك في استقلالية الثورة السورية، أو على الأقل عدم ذكائها و أنها إن نجحت ستنتهي إلى تنصيب أحد التابعين للإمبريالية العالمية، كما يتخيل تميم ولا أُريد هنا الخوض كثيراً في التحليل الذي أورده ” السياسي ” تميم فقط يكفي أن أُشير لتعليق أحدهم على المقال بالقول ” ليس من المطلوب من الثورات أن تغازل الفانتازيا اليسارية الكامنة في أدمغة البعض”.. و البعض هنا المقصود به تميم طبعاً.

إن كان الرأي السياسي لتميم ليس مهماً فما المهم إذن !!؟

و لماذا تقتصر الخيبة على موقف تميم ولا تمتد بنفس القدر على موقف أدونيس مثلاً !!؟

المؤلم لنا كشباب عربي في موقف تميم أنه شاب مثلنا و عندما كان يلقي أشعاره كانت القدس كأنها تلوح لنا، و تشبثنا كثيراً بكلمات تميم لأننا أحسسنا أنها كلمات جيلنا مخاطبةً القدس.. كل هذا كان مع تميم شاعراً أمّا الذي حدث مع تميم ” موقفاً ” فكان شيئاً آخر، فهو كأنه يقول لنا في مقالته تلك أن عمائم السادة لم تأخذ شكل قبة الأقصى عبثاً و أن تحرير تلك القبة يستلزم الحفاظ على شبيهتها العمامة، ولذلك فهو يعترض على مشاهد إحراق صور نصرالله خلال المظاهرات في سوريا، يعترض وهو يعلم أن زعيم حزب الله أعلن موقفاً صريحاً في دعم بشار متجاهلاً كل القتل و القمع  و تميم لا يعترض على موقف نصرالله ولكنه يعترض على حرق صوره !!.. هذا كثير يا تميم ..

و يبدوا أن تميم نفسه أحسّ هو الآخر أن هذا كثير فيستدرك عبر حسابه في تويتر بأنه يدين أعمال القمع و أن هذا لا ” لبس فيه “.. هكذا تحدث تميم بعمومية يمكن أن نقبلها من شاعر ياباني أمّا أن يعجز لسان تميم عن تسمية من يقوم بأعمال القتل و الترويع و يخرج لنا وهكذا تصاريح توحي بأن العنف في سوريا متبادل بين طرفين !!…هذا كثير يا تميم ..

هذا كثير لأن لسان تميم يذكر صراحةً إسم حسني مبارك و يدين تاريخه في الرئاسة بلا مواربة فما الذي يمنعه من ذلك مع بشار!!؟… مالفرق يا تميم؟؟

لم نصل مع موقف تميم لحد الفاجعة إلا عندما يحاول هو أن يبرر موقفه من بشار و حليفه نصرالله بإسم القدس و قوى الممانعة و المقاومة في رهانٍ قبيح على إستثارة الجرح الفلسطيني في الذاكرة، لنغفر لبشار و ننسى جراح أهلنا في سوريا!!

مالذي يجب أن ننساه يا تميم !!؟… صوت إبراهيم قاشوش .. أم ملامح حمزة الخطيب .. أو ربما مئذنة المسجد في دير الزور .. أو ربما علينا أن نغفر و ننسى المشهد الأكثر الماً لجثث القتلى وهي ترمى في نهر العاصي!!؟..

أو أنت من يجب أن ننساه يا تميم !!؟.. 

ربما فقط نرجوا أن لا يتغير موقف تميم البرغوثي بعد خبر قصف قوات بشار لمخيم الرملة للآجئين الفلسطينيين في اللاذقيه لأنه حينها سيتغير شعورنا  نحو تميم من الأسف عليه إلى الإشمئزاز منه .. وهذا كثير يا تميم ..

شيء من البللور قد كُسر و خطواتنا عليه تُدمينا .. نتوقف .

@khaledalgaafry