أقلامهم

عبدالله مظفر يعتبر أن أزمة القبول قد كشفت عن مدى رداءة المعالجة

مأساة التعليم في الكويت
مظفّر عبدالله


أول العمود: اليوم 21 رمضان، وهو اليوم الذي توفي فيه خليفة المسلمين الرابع علي بن أبي طالب بعد أن اغتاله عبدالرحمن بن ملجم، كان ذلك في عام 40 هجرية.
***
كشفت قضية قبول خريجي الثانوية في جامعة الكويت التردي الواضح في المعالجة، فكان لتأخير بناء جامعة الشدادية لأكثر من ربع قرن من الزمان نتائجه المتوقعة التي وفرت الأرضية المواتية لتدخل السياسيين في الأمر؛ لتقديم حلول غير مهنية وبعيدة عن الاحتراف.
وزير التربية بضغطه على مجلس الجامعة لقبول أعداد إضافية تصرّف كعضو لا كوزير، ومجلس الجامعة أقصي عن التصرف في شؤون الحرم الجامعي بشكل مهين، فهناك قضايا أساسية يواجهها التعليم في الكويت؛ منها الشروط المخففة للحصول على مقعد جامعي، وهو ما يفضي إلى اعتقاد الجميع أن عليه أن يدخل الجامعة، وبالتالي الحصول على الدرجة الرابعة في الوظيفة لاحقا، هكذا وبكل سهولة!!
ومن جانب آخر أصاب التعليم المهني إهمال شديد من نواح عديدة تبدأ بضعف مخرجاته ورداءة مستواه وربطه بدرجة وظيفية أقل من خريج الجامعة، وهو– التعليم التطبيقي- لم يساهم في الحد من الاعتماد على العمالة الأجنبية في المهن التي يعتني بتدريسها التعليم التطبيقي.
هناك مشكلة مهمة أخرى لا علاقة لها بما يدور من جدل حول مسألة القبول في الجامعة هذه الأيام وهي البطالة، إذ إن ما يتم الحديث عنه اليوم من بناء جامعة جديدة وزيادة حصص الابتعاث والحلول الأخرى التى يطرحها أعضاء مجلس الأمة ستؤدي إلى خلق مشكلة أخرى ربما خلال خمس سنوات مقبلة، وهي: أين سيتم توظيف الكم الهائل من الخريجين، خاصة في ظل اقتصاد غير محرر وسيطرة حكومية على التوظيف في مقابل غياب شبه تام للقطاع الخاص الذي هو أحد أدوات طوق النجاة لمشكلة مخرجات التعليم؟!
المشكلة مركبة ومتصلة الحلقات، هناك زيادة كبيرة ومتسارعة لمستوى المواليد بسبب الرفاه الاجتماعي، وأعداد كبيرة من خريجي الثانوية سنويا، وحتى في ظل بناء جامعة جديدة والأخذ بمقترحات مجلس الأمة فإن الحلقة الأخيرة، وهي توظيفهم، ستكون المعضلة الأساسية، وغير المباشرة لمشكلة التعليم ما لم يتم بناء تشريعات تدعم القطاع الخاص؛ ليتحمل جزءا من عبء التوظيف عبر مشاريع الخصخصة، وتخلي الحكومة عن السيطرة على بعض الخدمات كالكهرباء والنقل والطيران وغيرها.
تعتمد الكويت في بقائها على النفط والبشر، ومن الواضح أن العلاقة بين الطرفين ريعية بامتياز وبعيدة عن التنمية الحقيقية، وعلى الرغم مما يبدو على الناس من سعادة بالانتفاع من مداخيل النفط فإن واقع الحال مخيف بعد أن قضمت الرواتب ربع الميزانية السنوية للدولة، وأكثر من 80% من مبيعات النفط.
ما يصرف من أموال على التعليم العام في الكويت، الذي وضعه تقرير “بلير” في مصاف مصروفات دول متقدمة لا ينتج مخرجات قادرة على تقديم خدمات بعد انخراطها في الوظيفة العامة تبدو هزلية.
وأخيرا نقول إن مقترح توسيع قبول الطلبة في الجامعة لن يكون ذا جدوى ما لم يربط بخطة تنمية شاملة تعتمد على فتح قنوات توظيف جديدة، ودعم لا محدود للتعليم التطبيقي، وحتى يكون التعليم الجامعي لمن يستحقه لا أن يكون ضمن سلم الحياة الاجتماعية.