آراؤهم

ماذا جنينا من ثوراتنا العربية؟

قد يعتقد البعض ممن يرى ويشاهد على صفحات الإنترنت والتلفاز من براكين وزلازل الثورات الهائجة التي هزت مضاجع أمتنا العربية، أن هناك شعوبا قد فاقت من غفلتها ومن نومها العميق؛ لتستيقظ بيوم جديد يخلوا من الاعتقالات والتعذيب وإسحاق الكرامات البريئة، أو قد يتصور البعض أنه بدا عهد جديد يخلوا من الظلم والاستعباد والاستحقار للإنسان العربي، أو قد يطرأ في بال أحد ما أنه حان الوقت لكي نحاسب ونحاكم المستبدين الذين جثموا على صدورنا سنين عجاف، أو قد يحلم البعض منا بأن هذه الثورات قد تضمن لنا حياة كريمة خالية من الخوف والاضطهاد وموفرة لنا لقمة العيش الهنية التي نتمناها لنا ولعائلتنا، أو قد يتمنى البعض ممن يشاهدون تلك الثورات بأنه حان الوقت لتلتئم جروحنا العربية بعد أن سفكت من قبل حكامنا العرب، أو قد يتخيل البعض منهم أن حدودنا ستفتح للكل ويلقى جواز السفر في مزبلة التاريخ ويقول في نفسه لا حدود الآن تفرقنا ولا بلاد تمنعنا  وثروات العرب  هي للعرب وتقسيمها واجب على شعوبنا.

فقم يا أخى العربي من نومك العميق واستفق من حلمك المنشود؛ فإن ما تراه وتحلم به هو من وهم الخيال، فيجب عليك أن تدرك حقيقة الواقع المر الذي نتعايش به، فما من ثورة قامت إلا وجابت في الأرض دمارا وجاءت بمن هو أظلم منها، فهي تصطنع الكوارث والأحزان على شعوبها بحجة الإصلاحات السياسية والحريات والأمن، فقم لترى ما يحصل في مصر وتونس وليبيا واليمن والعراق وإيران ووو كثير من الدول من فتن ودمار وقتل وتعذيب لا تقول إن هذه هي ضريبة الحرية والديمقراطية، فأى حرية تتكلم عنها، أهي حرية الفتن والقتل الذي يحصل في مصر ما بعد الثورة  أو أن ما يحصل في تونس من تسلط واستقواء البشر على المناصب الحكومية ساحقين كل من يقف بوجههم ليبثوا سمومهم على الشعب بعد أن تحرر كما يقولون، أو ما يحصل في ليبيا من عصابات تحارب بعضها البعض، أو ما يحصل في اليمن من حروب أهليه فتكت بالكبير والصغير، فأى تحرر هذا الذي يرجعنا إلى عصر الخوف، عصر كل منا يشعر بعدم الأمان في بيته، عصر يشعرنا أنه ضاع منا الوفاء، وتسلطت علينا قوى المافيات والعصابات والمليشيات المسلحة لتنهبنا في عز النهار، عصر فقدنا فيه الراحة والعيش بحرية وأمان، عصر تلاشت فيه أحلامنا وأصبح الكابوس هو المسيطر على تفكيرنا، فنحن نعلم أن للحرية ثمن وأن للكرامة درب لا بد أن نسلكه  وأن للحياة ثمن لا بد أن ندفعه، وإننا كشعوب لنا كل الحق في العيش بكرامة ومرفوعي الرأس في أوطاننا، وكما قال نيلسون مانديلا ” إن الإنسان الحر كلما صعد جبلا عظيما وجد من ورائه جبالا أخرى يصعدها.. والحرية لا يمكن أن تعطى على جرعات، فالمرء إما أن يكون حرا أو لا يكون حرا والجبناء يموتون مرات عديدة قبل موتهم، والشجاع لا يذوق الموت إلا مرة واحدة ” .

فلنكون شجعانا بثوراتنا الحقيقية، التي تنبع من قلوبنا ومن أحاسيسنا ومشاعرنا الصادقة، وأن تكون شريعتنا الإسلامية هي منهج هويتنا، وذلك قبل أن يأتى يوم لا ينفع فيه الندم، ونتحسر على ماضي جميل فقدناه !!!

    عــادل عبــــداللـه القنــاعــى                                                   

adel_alqanaie@hotmail.com