سبر

رأي سبر
انتهى الدرس.. يا غبي!

انتهى الدرس.. يا غبي  


من قام بتسجيل حديث الفلاح بطريقة تجسسية، سواء كان ناجع أو غيره، ارتكب فعلاً شنيعاً أقل ما يقال عنه أنه بعيد عن الشهامة والمروءة  وليس من شيم الرجال ولا أفعالهم. في المقابل فإن ما قاله الفلاح في الشريط المسرب أمر مرفوض جملة وتفصيلا، فهو يعكس مدى سطحية الرجل  ونظرته الطائفية.

وبغض النظر عن كل التداعيات والإرهاصات التي حدثت إلا إن الطعن في ولاء الشيعة وانتماءاتهم التي ساقها الفلاح وتعميمه ذلك، هو أمر لا يقبله عقل ولا يستسيغه منطق، ففي الشيعة مَن هم أكثر ولاء وحباً لهذا الوطن  من الفلاح نفسه، دون مزايده أو طعن في وطنية الرجل، لكنها الحقيقة التي يؤكدها عطاء الفلاح السيئ في مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية وهو ما لا يؤهله للحكم على وطنية أحد، ناهيك عن الاتهامات الخطيرة التي ساقها لنزع الوطنية عن الآخرين بطريقة تقشعر لها الابدان، وهي سابقه من حيث التهم والشخوص، كيف لا وهو يتحدث عن مخاوف من أن يقود أحد الطيارين الشيعة طائرة يستقلها سمو الامير أو سمو ولي العهد أو سمو رئيس مجلس الوزراء ويهبط بها في ايران، بحسب كلامه.

الأمر المحزن في القضية هو تلك الحماسة غير المبررة من قبل بعض النواب الذين هبوا للدفاع عن الفلاح من جهة وعن خليل الصالح من الجهة الأخرى وكأنهم مقاولو أزمات لا همّ لهم سوى التكسب الانتخابي حتى لو كان على حساب  الوطن وأمنه واستقراره.

يا سادة، لنتريث ونضع النقاط على الحروف بعيداً عن المزايدات والتشنج، فالوطن أهم من الفلاح والصالح، ولنتناول الموضوع بنظرة حيادية، فكلّ من الرجلين أسوأ من الآخر، الفلاح دمر الكويتية وحارب الكفاءات الوطنية، ومارس الإقصاء على أبناء القبائل قبل الشيعة، ورغم مقتنا لمثل هذه التصنيفات لكننا نجد أنفسنا مجبرين على ذكرها كي تتضح الصورة أمام البعض ممن اندفعوا لسكب النار على الزيت دفاعا عن الفلاح.

ولنتساءل: لماذا لم يقم الفلاح بإقالة خليل الصالح إذا كان لديه ملاحظات عليه، وهو يملك صلاحية هذا الاجراء؟ وإذا كان قد حاول ولم يستجب له لسبب او لآخر فلمَ لم يقدم استقالته من منصبه كما يفعل كبار المسؤولين في مثل هذه الحالات؟

بل اذا كان الفلاح يمتلك أدلة على ما قاله في التسجيل فلماذا لم يحمل الملف كاملاً ويطلب مقابلة المراجع العليا ويشرح لها الموضوع فإن لم تتم معالجته فليقدم وقتذاك استقالة مسببة ينشرها في وسائل الاعلام، وكنا سنصفق له ونقول إنه إنسان وطني آثر مصلحة الوطن وسلامة القيادة السياسية على مصلحته الخاصة، ثم ما هو السر في إثارة هذا الموضوع قبل وقت قصير من انتهاء فترة تعيينه رئيساً للكويتية؟

وفي المقابل نحن نختلف اختلافاً تاماً مع خليل الصالح، لكنه اختلاف قائم على أدائه لا انتمائه العقدي أو المذهبي، فالرجل عليه الكثير من الملاحظات والممارسات الخاطئة بل والكارثية، لعل أهمها حادثة النائب القلاف ورحلة علاجه الى لندن، وهو ما لو حصل في دولة تحترم نفسها، تقودها حكومة وطنية تخشى الرأي العام ما بقي الصالح في منصبه يوماً واحداً، لكن ماذا نقول عن حكومة ترعى الفساد والمفسدين وتقتل الإصلاح وطموح الإصلاحيين.

إن ما يتم تداوله في مواقع التواصل الاجتماعي عن هذه الحادثة أمر محزن بكل المقاييس، يعكس حالة من الكراهية والبغضاء التي تمارسها كل طائفة ضد الأخرى، بمباركة حكومة أوصلت البلد الى هذه الحال بسبب سياساتها الرعناء، والمفارقة أنها تدعي حرصها على الوحدة الوطنية وستحيل قانوناً بذلك الى مجلس الامة فيما أحد قياديها ينزع الوطنية من شريحة اجتماعية كاملة! ونظن أن ما شجع الفلاح وما سيشجع غيره على تبني مثل هذه الأفكار هو الحكومة نفسها، وكلنا نتذكر ما قاله وكيل الأخبار في وزارة الإعلام وعنصريته ضد شريحة اجتماعية كاملة فكانت النتيجة برداً وسلاماً. 

ونذكر، بأننا نلعب لعبة الموت، وقبل أن يندفع البعض للدفاع عن هذا الطرف أو ذاك، نحذرهم بأن عليهم التريث قليلاً، فهم ليسوا إلا حطب نار لغيرهم، و”قضية الفلاح” ليست الأولى ولن تكون الأخيرة. وقد أثبتت التجارب أن غالبية أزماتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية سببها صراع مصالح بين أقطاب الطبقة التجارية، واذا أردت أن تكتشف سر حادثة الفلاح والصالح فما عليك إلا التفتيش عن “تخصيص الكويتية”.