أقلامهم

النائب حسن جوهر يرى أن حل أزمة الإيداعات المليونية كان يمكن محاصرتها بقانون الكشف عن الذمة المالية الذي قدم لأول مرة عام 1992

الجلسة الطارئة!
د. حسن عبدالله جوهر
 
بدأت المراهنات على مدى إمكان انعقاد الجلسة الطارئة المتعلقة بالإيداعات المليونية، ومن خلالها إقرار مجموعة القوانين الخاصة بمكافحة الفساد، إضافة إلى الكشف عن الذمة المالية لأعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية وكبار المسؤولين في الدولة.
ففي حين يعول المتفائلون على توافر النصاب والحضور الحكومي نظراً لأهمية القضية وتداعياتها على سمعة المؤسسات الدستورية، خصوصاً بعد تقرير صندوق النقد الدولي الأخير الذي يحذر من البيئة الفاسدة لإمكان تفاقم عمليات غسل الأموال في الكويت، وأخيراً الضغط الإعلامي والشعبي الذي ينتظر فتح هذا الملف، هناك المتشائمون من تكرار سيناريوهات الجلسات الطارئة وإفشالها، بسبب التنسيق الحكومي مع بعض النواب ومشاركة وزير محلل، واختباء بقية الوزراء في قاعة الاستراحة، أو عدم إنجاز القوانين الخاصة بهذا الشأن من قبل اللجنة التشريعية، وغير ذلك من المحاولات المشابهة لتلك التي أجهضت جميع الجلسات الطارئة في السابق.
وقد يكون من الصعوبة بمكان التكهن برجاحة أيٍّ من الاحتمالين، لسبب واحد فقط هو أننا في الكويت، وهذا العنوان بحد ذاته كفيل بتوقع غير المتوقع دائماً!
وكغيرها من القضايا الكثيرة التي تم إغفالها على مدى سنوات إلى حين وقوع الفأس بالرأس، كان بالإمكان تفادي هذه الزوبعة السياسية والحفاظ على سمعة الكويت ومؤسساتها الرسمية وكذلك المؤسسات المصرفية، خصوصاً في ظل التوجهات السامية لتحويل بلدنا إلى مركز اقتصادي ومالي عالمي، فقانون الكشف عن الذمة المالية تم تقديمه خلال جميع الفصول التشريعية بعد التحرير، أي على مدى سبعة مجالس برلمانية متعاقبة منذ عام 1992 حتى الآن، وحزمة قوانين مكافحة الفساد تصول وتجول في لجان المجلس عبر ثلاثة فصول تشريعية متتالية، بل احتضنت دولة الكويت في أكتوبر من عام 2009 مؤتمر منظمة “برلمانيون ضد الفساد” العالمية، وتعهدت الحكومة والمجلس معاً أمام المجتمع الدولي بإقرار حزمة التشريعات النمطية التي أقرتها الأمم المتحدة لمحاربة الفساد، وذلك خلال فترة لا تتجاوز ستة أشهر من ذلك التاريخ، ولكن كل تلك الأماني ذهبت أدراج الرياح، واليوم صرنا في صراع مع الوقت وصراع مع الفضائح لإقرار مثل هذه القوانين في جلسة طارئة وأثناء العطلة الصيفية.
ورغم كل هذه التجارب المحبطة فإن التفاؤل في رأيي هو سيد الموقف، فقد أثبتت محطات كثيرة أنه لا مفر في النهاية من الرضوخ للمنطق والحق طواعية أو من خلال الضغط المتواصل، ولعل ذلك يعكس الوجه الآخر من مقولة أننا في الكويت فتوقَّعْ غير المتوقع أيضاَ!