إن صح حديث الساعة، وصدق خبر الساحة، حول ما يقال في قضية الرأي العام المليونية، وأبطال عتبات مسرح أحداثها من النواب القبيضة، إن صح كل ذلك، ومن باب (مافيه دخان من غير نار)، فأنا على يقين تام، من أن أكبر وأقدم وأعرق قبائل الكويت، سـتنأى بنفسها عن السيناتور (زنيفر) والقيصر (مخلد) ودولة الرئيس (الحريتي) من أن يكونوا ممثلين عنها في برلمان بلادهم الممسوخ.
أقول قولي هذا إن صح ما يقال، إن صح ما كتب، إن صح ما تتداولة الصحف والأقلام والألسن، عن مبلغ السبعة ملايين ومائتين وخمسين ألف دينار التي قسمت ما بين هؤلاء عندما تخلوا عن صفتهم كـ (عوازم)، والتاريخ سيكفيني عناء الحديث عن مدى شرف ونُبل ووفاء هذه الصفة، وأخلاق وعادات وتقاليد حامليها.
وأنا أعلم كما يعلم غيري كثيرون، بأن قضية رشوة الملايين ليست حكراً على نواب العوازم، أو معنية بهؤلاء فقط، وأن لستة المرتشين أكبر عدداً، وأكثر تنوعاً، وتتضمن أسماءً من كُلِ أصلٍ وفصل، باستثناء المناعير نواب مطير، وإنما عمدت تحديد الحديث حول نواب (قبيلة عطا) لأن الحكومة الراشية وكما يُشاع، منحتهم الملايين مقابل (كونهم) ارتضوا الانبطاح لها، بينما العوازم يمنحون بعضهم البعض الملايين لـ (كونهم) عوازم فقط، فقط ولا غير، ولنا في خالد نقا عجل الله فرجة، خير مثال، وأبلغ تشبيه، فعندما تسابقت جيوب مُعسريهم ومُيسريهم لجمع الملايين الطاهرة، وفي ساعات قليلة، من يوم واحد فقط، كان ذلك بدافع الوقفة المعهودة، لكل من يحمل آخر اسمه لقلب (العازمي).
ولذا، فإن كان وازع هؤلاء، عندما قبلِوا القبض، نابعٌ من منطلق الحصول على الدينار الأبيض لذخرِه لليوم الأسود، فلا أعتقد أن كافة الإمكانيات المادية واللامادية ستغنيهم عن فزعة (العوازم) إذا ما جد الجد في يومٍ أسودٍ مُشتد، وقديماً قيل: (ما طاح من كان العوازم له ربوع).
وأنا كـغيري من جميع أبناء هذا البلد، بمختلف أطيافهم ومكوناتهم (أحب العوازم) وأكن لهم كافة الاحترام والتقدير، وأحسدهم في ذات الوقت، على ما يتميزون به عن غيرهم، في أمور كثيرة ومتعددة، فـأنا كـغيري من الكثيرين، لم أسمع أو أقرأ أو أشهدُ قط، ولو لحالة واحدة فقط، بأن هناك أحداً من العوازم على مستوى مواطنيهم أو شخصياتهم العامة، متهم في قضية أخلاقية، كالإتجار أو التعاطي بالممنوعات، أو السكر، أو الاحتيال، أو الاختطاف، أو قضايا الشرف والتزوير والسرقة، وربما يكون هذا ما دفعني للكتابة في هذا الموضوع، والذي وإن صح خبره، وتأكد بيانه، سيكون مع بالغ الأسف الشديد، النقطة السوداء، في أحد صفحات سجل هذا التاريخ المشرق، لسيرة العوازم العطرة، مع أخذي بعين الاعتبار والمراعاة، من أن هذه الركيزة الأساسية من المجتمع، كانت، ولا تزال، وستظل كما عهدناها جميعاً، حُبلى بالعديد من الأشبال، لاستكمال سير الرجال، على مر الأجيال والأجيال والأجيال، ولن يسعني، أو يتسنى لغيري، الاستشهاد بأسماء أبطالها ورجالاتها الذين يشار إليهم بالبنان، نظراً لعدم تمكن استيعاب القلم والفكر والذاكرة، حصر الألوف المؤلفة، لأعداد ومواقف سِباعها على مر تاريخينا حديثاً وقديماً.
يقول أمير نجد الشريف بركات في مدح قبيلة العوازم :
عوازم من ساسهــــم منيع الظفَر
رجالهم عن فعل خــمـــــس آلاف
لـو ذل غـلمـــــه تـهـوّش غـلمـــــه
يهوشـون دام الـــســـلاح يشاف
هم عـز سمحات اللحى ليا عقلت
ليا صـار في قلب الذليل اخفاف
كـــم شيــخ قــــومٍ غيبوا شمسه
خلــــوه للطايــــــــــــرات اعلاف
عامين أحـاربهم بحيلي وحيلتي
حدرتهـــــم من نــجــد للأسياف
أضف تعليق