آراؤهم

أين ذهبت الأمانة؟

كثير من الأمور لاتتضح للناس علانية؛ لأنها تبقى في داخل الإنسان، ومن الطبيعي لايستطيع أي شخص منا أن يعرف مافي ضمائر الأشخاص الآخرين؛ كالحسد أو الكره أو المكر أو الخداع؛ لأنها تبقى صفة أو طبيعة في الإنسان لايراها الآخرون، ومن الصعب اكتشافها إلا إذا صاحبها بعض المواقف أو التصرفات أو السلوكيات التي تدل علي أن هذا الشخص مثلاً لديه مثل هذه الأمور الشاذة التي دائما ما تعمى صاحبها وتجعله لايفكر أو يتعامل مع الأمور بالشكل الصحيح؛ لأنه دائما يرى الواقع مخالفاً للذي بداخله، ولكن في المقابل ربما أن هناك أشخاصاً لايعانون من هذه الأشياء، أقول يعانون لأنها بالفعل تعتبر من الأمراض النفسية والذين لايعرفونها ربما يقوم بتصرفات أكثر خطورة، وهي عملية الأمانة، إن هذه الكلمة لها معانٍ ومدلولات كثيرة ويترتب عليها جميع أمور حياتنا، ولو تخلى عنها الجميع لأصبحت حياتنا جحيم؛ لأنها ستؤدي إلي تخريب كل شئ وربما أنها تكون مرادفة للقانون والأمن الذي يحفظ حقوق البشر وينظم حياتهم ولاشك أنه بدون قانون لن تكون هناك حياة وستصبح الدنيا غابة؛ الكبير يأكل الصغير والقوي يظلم الضعيف، إلا أن الأمانه تبقى مهمة، ربما لايكون سرعة هدمها مثل القانون إذا لم يكن موجود إلا أنها تبقى حاجة مهمة وملحة ولانستغىي عنها اليوم، نقرأ مثلاً من خلال الصحف إن مسؤولا في إحدي الإدارات الحكومية اختلس بعض الأموال أو حصل علي رشوة؛ لإنجاز معاملة وفي اتجاه آخر نسمع عن جمعية تعاونية تم حل مجلس إدارتها؛ بسبب تجاوزات مالية وجمعية أخري اكتشف فيها عجز مالي أو ديون متراكمة بلغت ملايين الدنانير، وهذه الأمور تحدث أيضا في بعض الأندية الرياضية بأساليب أخري وفي الهيئات الأخرى ونسمع أن مشروع مستشفي صحي أو منشأة حكومية أخرى توقف فيها العمل؛ بسبب تجاوز أو سرقة مالية من قبل المقاول أوغيره وعلي مستوى مجلس الأمه نسمع من الأعضاء الأدهي والأمر، لقد وصلتهم الرشوة بمبالغ لم يحلموا بها كل هذه الأمور ربما تكون قد حدثت؛ بسبب ضعف في القانون أو في المتابعة من قبل الجهات المسؤولة أو قصور أو خلل في القوانين التي وضعت من أجل تنظيم مثل هذه الأمور أدى إلي استغلالها من قبل ضعاف النفوس، كل ما ذكرته يبدو نوعا ما ظاهرة إذا تمت متابعتها أو تم اكتشافها، لكن الأمانة أين تكون؟ ستبقى مخفية، مثل ماذكرنا في السابق كالحسد والبغض وخلافه، ولكن الأمانه وقعها أقوي وأعم وتبقي متعلقه بصاحبها.

 اليوم في الكويت نعاني من أمور عدة تحتاج إلي إصلاح وتعديل وتغيير، والسبب الأمانة التي فقدت، ولم يعد يعرفها الكثيرون؛ بسبب الجشع والطمع وحب المال الحرام، غير مبالين برب فوقهم يراقبهم ويمهلهم ويجعلهم يتمادون في طغيانهم، ولكنه سبحانه وتعالي لايهملهم، يأتي عليهم يوم في الدنيا قبل عذاب الآخرة إما في أنفسهم أو في أبناءهم يبلاهم الله سبحانه وتعالي ببلاء يجعلهم يعرفون مدي ماكانوا يقومون به يسرقون وينهبون أموال بلدهم وأموال الناس بالباطل، وهم من المفترض أن يكونوا مؤتمنين عليها، ولكنهم لايستحقون هذه التزكية من قبل الحكومة أو من قبل الناس؛ لأنهم غير أمينين، ومنهم الكثير من قام بهذا الفعل ورب العالمين ابتلاه بمرض أو بهم أو بمصيبة ومازال يعاني منها. إن الإنسان إذا وضع في موقع المسؤولية وخاصة إذا كانت المسؤولية متعلقة بمصالح الناس مباشرة فعلية أن يعرف حجم هذه المسؤوليه وأن يحفظ الأمانة التي أؤتمن عليها، وإذا كان لايستطيع والمغريات أمامه كثيرة، فالانسحاب من هذه المسؤولية أفضل له من الوقوع في الخطأ وفي الحرام.

 مانرجوه اليوم من كل إنسان في موقع المسؤولية وخاصة من يكون تحته الأموال أن ينظر إلي الله أولا ويخافه ويخشي غضبه، وأن ينظر ثانيا إلي الكويت وأهلها بعين المحب وبروح الوفاء والولاء وأن يلتزم بأمانته، فإن الله سبحانه وتعالي سيرفع من شأنه وسيغنيه بالمال الحلال؛ لأنه لم يرضَ أن يدخل ذمته مال حرام، أملنا كبير بأن يعمل الجميع بمبدا الأمانة حتي ينصلح حال البلاد وتستمر عجلة التنمية التي توقفت منذ سنوات طويله.