الناظر في حال كثير من المسلمات اليوم يتقطع قلبه حزناً على حالهن المزري، ووضعهن المؤسف؛ فبالأمس كانت المسلمة رمز العفاف وينبوع الحياء، حتى كانت المرأة المسلمة لا تعرف الخروج من البيت لفرط حيائها وشدة تقواها، وحرصها على نفسها من الفتن، وذكر المؤرخون عن بنت سعيد بن المسيب أنها لم تخرج من بيتها إلا مرتين مرة عند زفافها ومرة عند وفاتها.
ولكن اليوم تبدل الحال، حتى أصبح كثير من المسلمات يضارعن الكافرات في التبرج والحرص على استمالة قلوب الرجال، وذكر ابن حزم حرص النساء على استمالة قلوب الرجال، فقال رحمه الله: “وشيء أصفه لك تراه عياناً، وهو أني ما رأيت قط امرأة في مكان تحس أن رجلاً يراها أو يسمع حسها إلا وأحدثت حركة فاضلة كانت بمعزل، وأتت بكلام زائد كانت عنه في غنية، مخالفيْن لكلامها وحركتها قبل ذلك، ورأيت التهمم لمخارج لفظها وهيئة تقلبها لائحاً فيها ظاهراً عليها لا خفاء به، والرجال كذلك إذا أحسوا بالنساء”. وأما إظهار الزينة وترتيب المشي وإيقاع المزح عند خطور المرأة بالرجل واجتياز الرجل بالمرأة، فهذا أشهر من الشمس في كل مكان. والله عز وجل يقول: “قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم” وقال تقدست أسماؤه:” ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن” النور 30 – 31 ).
فلولا علم الله عز وجل بدقة إغماضهن في السعي لإيصال حبهن إلى القلوب، ولطف كيدهن في التحيل؛ لاستجلاب الهوى، لما كشف الله عن هذا المعنى البعيد الغامض الذي ليس وراءه مرمى، وهذا حد التعرض، فكيف بما دونه). انتهى طوق الحمامه ص 155
ومن الوسائل التي تستخدمها بعض النساء للفت الأنظار إليهن (حذاء الكعب العالي) لما له من صوت قوي على الأرض يشد الانتباه ويفتن السامعين.
وقد نهى الله عز وجل المؤمنات عن هذا الفعل المشين، فقال جلا وعلا: (وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }النور31، يقول الإمام السعدي رحمه الله: أي: لا يضربن الأرض بأرجلهن، ليصوت ما عليهن من حلي، كخلاخل وغيرها، فتعلم زينتها بسببه، فيكون وسيلة إلى الفتنة) ص566
ونقل الشوكاني عن الزجاج قوله: (وسماع هذه الزينة أشدّ تحريكاً للشهوة من إبدائها) م 5 ص 211
وواصل: لبس حذاء الكعب من فعل نساء بني إسرائيل، كما جاء في السلسة الصحيحة: ( 486 ) “كان في بني إسرائيل امرأة قصيرة، فصنعت رجلين من خشب، فكانت تسير بين امرأتين قصيرتين، واتخذت خاتما من ذهب و حشت تحت فصه أطيب الطيب: “المسك”، فكانت إذا مرت بالمجلس حركته، فيفيح ريحه ( و في رواية ): وجعلت له غلقا فإذا مرت بالملأ أو بالمجلس قالت به ففتحته، ففاح ريحه) انتهى ج1 ص485
فانظر إلى هذه المرأة وحرصها على لفت الأنظار إليها، كيف شابهت كثيرا من المسلمات، فسبحان الله، التاريخ يعيد نفسه، فالواجب على المسلمة التستر وعدم إبداء الزينة، ومن ذلك لبس الكعب العالي؛ لأنه من إبداء الزينة كما تقدم من كلام أهل العلم.
وسئل العلامة ابن باز عن حكم لبس الكعب العالي؟ فقال رحمه الله: ( أقل أحواله الكراهة؛ لأن فيه أولا تلبيسا؛ حيث تبدو المرأة طويلة وهي ليست كذلك، وثانيا فيه خطر على المرأة من السقوط، وثالثا ضار صحيا كما قرر ذلك الأطباء).
وقد نشرت جريدة الوطن الكويتية في تاريخ 19/6/1431 الموافق 2/6/2010 كلاما حول الأضرار الصحية للبس الكعب ونص الكلام: (حرص النساء عادة على إكمال أناقتهن باقتناء الأحذية ذات الكعب العالي؛ ليظهرن فارعات الطول بالرغم من عدم شعورهن بالراحة أثناء ارتدائهن لتلك الكعوب، وبالرغم من علمهن بالمشكلات التي يسببها لهن ارتداء الكعب العالي لفترات طويلة.
وفي هذا الإطار كشف الطب الحديث أن الكعب العالي يؤثر على أعضاء المرأة ويجعلها غير قادرة على الإنجاب، هذا بالإضافة لتأثيره على مفاصل جسمها وعضلاتها، كما يزيد من آلام الرقبة والأكتاف، ويؤدي إلى الإصابة بالتوتر والصداع، ومن الواجب ذكره أنه يؤثرعلى تساقط الشعر من خلال تأثيره على الأعضاء الداخلية للمرأة.
كما اتفق الأطباء على أن ارتداء الكعوب العالية يسبب سماكة الجلد؛ للضغط المستمر على الجلد، والاحتكاك المستمر مما يؤدي إلى تكون جلد شديد الصلابة وجاف مما يعطي الأقدام مظهراً سيئاً.
ومن جانب آخر توصل خبير سويدي إلى أنَّ ارتداء الأحذية ذات الكعب العالي يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بالجنون مضيفاً بأن ارتداء الكعب العالي يصيب النساء بالتوتر الشديد في أقدامهن فلا يسرن بطريقة صحيحة.
فهل بعد هذه الأضرار تشك المسلمة العاقلة في تحريم لبس الكعب، وتحرص على ارتدائه؟.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
أضف تعليق