أقلامهم

حسن عبدالله عباس يكتب عن أنواع عدة من القبيضة

أنواع «القبيضة» 
د. حسن عبد الله عباس
 
 
القبيضون عندنا على أشكال، ولن تجد أي مشكلة في التعرف عليهم. فانظر مثلاً إلى ما يلي كمواصفات عامة تصلح لتتعرف على الأنواع المتوافرة في سوق الاذلاء بائعي الكرامة والإرادة ومشتري السحت والدناءة:
جي تي: هذا النوع مبلتع، ليس لأنه كثير الكلام طويل اللسان قوي المنطق، بل على العكس تماما. فهذا القبيض قليل الكلام قصير المقام والقيام وأغبى الأنام، فلغبائه ينسى أنه معروف ومشهور بالصامت لا الناطق لطول سكوته وطاعته العمياء لمغدقي العطايا. فهذا النوع وإن بقي دائماً صامتاً لكنه يجزع بسرعة ولا يستطيع أن يناظر في الداخل فيقول لهم «اطلعوا لي بره ورا المحول». من خوفه صار مبلتعاً، كثير الحديث حاد المزاج ويهدد على الدوام وبسرعة كبيرة تفوق الحرشة الجي تي.
سنفور: على العكس من سابقه، فهذا القبيض بطبعه كثير الكلام يحب الظهور الدائم في الإعلام ويعشق الكرسي ولا عشق سيد قشطة للنوم. لا يفرق معه، سواء أكان كرسياً في المجلس أو مجلس الخرفان، لا يهم، المهم أنه حاضر في البدن البهائمي وخال من الخلق الإنساني، يحاول ويحاول ويدخل المجلس حتى لو كان وجوده لأيام معدودات، لا تفرق معه كثيراً طالما أن الفرص موجودة لأنه يعلم بالنهاية سيصل. ولأن الناس عيال اليوم وتنسى الماضي بسرعة أو تعفو لأنهم طيبون. فلا يهم الماضي، لأنه ابن القائلين أنا واخوي على ولد عمي، فولدنا الفاسد أولى من الصالح ولد الجيران! القبيض هذا محب حتى النخاع للظهور ولاعب حتى القاع على الجمهور، لكنه وفجأة وحينما يحصل المحظور، تراه يخشى على نفسه حتى من العصفور، فمع أن حجمه البهائمي كبير، لكنه يصبح يحليله بعد انكشافه أزرق اللون صغيرا كالسنفور!
صحي: هذا النوع من القبابضة يتسلم بيد ويخانق ويصرخ ويهاجم الحكومة ويقدم استجواباته باليد الأخرى. لا يروح مخك لبعيد، هذا القبيض صحي، صحي لأنه يهتم بالنظافة. فلأنه يعلم جيدا أن اليد التي تتسلم بها ملوثة وفاسدة، يراعي ألا يلوث بها يده الأخرى التي يكتب بها اسئلته احتراماً منه لقدسية الشعب الذي يدافع عنه، فهو خبير في اللف والدوران، فاليد النظيفة المعلنة بواد ويده «الخفيفة» بواد ثان. ألم اقل لك أنه صحي!
الأبيض: بحق هذا القبيض يجب ان يسمى القديس، فهو أبيض صاف وشريف كاللبن، متدين ملتح محارب شرس، فإن ناظرته بالمفردات العربية لن ترى أهلا لها غيره. لو لم يصبغ شعره ولو لم يقصر لحيته، لكذّبت كل قائل ان الاميركيين قتلوا اسامة بن لادن فالشبه بينهما كبير. مفوه وناطق ويرد على مهاجمي الحكومة بدل الصاع صاعين، وبدل البيت بيتين، وبدل الشعر شعرين، وبدل الكذبة كذبتين!
البلدي: القبيض البلدي من لقبه يحب البلد والبلدية، فبطبيعة هذا النوع من القبيضين يحبون النظافة إلى درجة كبيرة ولا يقبلون إلا أن يشرفوا على غسلها بانفسهم، فيغسلونها وينظفونها وينشفونها وينشرونها على الحبل ويتركون بعد غسيلهم أهل الكويت مفاصيخ بانتظار من يرد لهم ثيابهم!