آراؤهم

رداً على صالح السعيدي

فغض الطرف إنك من نميرٍ
فلا كعباً بلغتَ ولا كلابا
(جرير


شاهدت كما شاهد الكثيرون غيري حلقة يوم 25/9/2011 من برنامج اللوبي على قناة العدالة وكانت قضية الحلقة المطروحة للنقاش هي قضية (البدون) وكان الضيوف هم الدكتور شملان العيسى المتخصص في العلوم السياسية والأستاذ صالح السعيدي مدير الشؤون الاعلامية في الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية – زعموا – .
وكنت قد غرّدت منتقدا موقف الأستاذ صالح السعيدي بالذات غير مهتم بموقف الدكتور شملان العيسى لأنني أؤمن بأنه لا يعلم عن القضية إلا ماظهر منها وهو جاهل بما بطن ، ولأنني أعلم مدى العنصرية البغيضة التي ينظر إليها بعض علية القوم تجاه هذه القضية والتي حاول الدكتور شملان العيسى اخفاءها بين ثنايا حروفه لكنها أبت إلا أن تخرج عبر فلتات لسانه ومن شاهد الحلقة يعرف ذلك لاسيما استهزاؤه بحرّاس المدارس !!
وكانت تغريدتي تلك قد تسببت بغضب الأستاذ صالح السعيدي فغرّد رادّا علي متهماً إياي بأنني ( مع الخيل ياشقرا ) على حدّ تعبيره ، فتناقشنا لبعض الوقت ثم رسى الأمر على أن أكتب مقالاً أبين له فيه ما انتقدته عليه في تلك الحلقة .
وبادئ ذي بدء يجب أن نعلم بأن خذلان من تتوقع نصرته هو أقسى أنواع الخذلان وأشدها وقعا في النفوس وظلم الأقربين أشد على المرء من وقع السيوف ولله درّ من قال :
 
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة
على المرء من وقع الحسام المهنّدِ
فالأستاذ صالح السعيدي ابن الجهراء ليس ببعيد عن البدون ولا عن أصول البدون وقبائلهم وكيف نشأت مشكلتهم بل هو نفسه ينتمي لقبيلة نكن لها كل احترام كانت إلى عهد قريب أحد القبائل التي تمثل أكثرية في فئة البدون ولولا كثرة المضايقات هنا والتقدير الذي قوبلوا فيه في المملكة العربية السعودية الشقيقة لبقوا إلى الآن من فئة البدون وأخشى أن يقول الأستاذ صالح أنهم سعوديون في الأصل ولم يكونوا من البدون !!
لذلك فليسمح لنا الأستاذ صالح ويغفر لنا شدتنا في النقد لما قاله لما كنا نتوقعه منه من نصرة وتأييد لتلك القضية الحقة التي ألبست زورا وبهتانا لباس الطمع والرغبة في مشاركة الكويتيين خيراتهم .
 
وقد لخّصت بعض ما انتقدته على الأستاذ صالح السعيدي على هيئة نقاط سأذكرها على عجل :
1 – سكوت الأستاذ صالح عن اختزال الدكتور شملان العيسى مشكلة البدون في دقيقتين فقط وأن سببها هو ايعاز الدولة لشيوخ القبائل باحضار ابناء القبائل للعمل في الجيش ، وهو سكوت غير مبرر عن معلومة خاطئة لم يسبق عليها الدكتور عيسى وكان حريا بمن يمثل الشق الإعلامي في الجهاز أن يوضح سبب نشوء مشكلة البدون وأن الدولة تتحمل الجزء الأكبر من المشكلة لتهاونها في ايصال فائدة تلك الورقة مستقبلا لأناس كان أغلبهم أميين لا يجيدون القراءة ولا الكتابة وطلب الرزق عندهم مقدم على كل شئ .
2 – حاول الأستاذ صالح أن يهون من شأن القيد الأمني غيرما مرة في البرنامج رغم محاولة المستضيفين التكلم عن تلك المعضلة التي تسببت في مضايقة الكثيرين في أرزاقهم وأرزاق أولادهم وفصلهم من مقار عملهم ، وذكر الأستاذ صالح أن نسبة البدون الذين عليهم قيد أمني لا يتجاوز 10% بينما الأنباء تتحدث عن سحب وعدم تجديد ما يزيد عن 30 ألف بطاقة فهل الثلاثون ألفاً يشكلون 10% من اجمالي البدون الذين هم 108 آلاف ؟!
وما محاولة الأستاذ صالح تلك إلا من أجل إبعاد محور الحديث عن تلك القضية التي تبين لكل متتبع مدى الظلم الكبير الذي يقع على هذه الفئة من قبل أشخاص لاهم لهم سوى مضايقة أبناء هذه الفئة تحت مسمى الواجب الوطني زورا وبهتانا .
3 – تحدث الأستاذ صالح السعيدي عن مسيرة التجنيس التي بدأت في عام 1999 كاستدلال منه على أن خيار التجنيس خيار مطروح لحل القضية ولكن فاته من باب الأمانة العلمية ذكر كم عدد البدون الذين جنسوا مقابل غير البدون الذين تم تجنيسهم في نفس تلك السنوات ، ففتح التجنيس في تلك السنين كان تحت بند الخدمات الجليلة وليس من أجل حل قضية البدون كما زعمت يا أستاذ صالح .
4 – كلامك عن تعديل الوضع المستمر من أبناء فئة البدون وقولك بأنه قبل الحلقة تلك بأسبوع لازال هناك من يعدل وضعه ، ماهو إلا إيهام منك للمشاهد بأن الذين يعدلون أوضاعهم هم فعلا ينتمون لتلك البلدان التي قاموا باستخراج جوازات سفر منها ، مع أني لا أشك بأنك تعلم علم يقين عن سبب استخراج تلك الجوازات وكيفية استخراجها أيضا ، وطريقة المساومة التي تتعامل بها الوزارات مع موظفيها تحت شعار : إما أن تعدل وضعك أو تطرد من وظيفتك ، لاسيما الوظائف العسكرية من جيش أو شرطة والأمثلة كثيرة ياأستاذ فقط التفت حولك وأسأل بعض أقربائك .
5 – قولك مدافعا عن الفضالة بأن الامتيازات – بزعمك – تضمنت حق التوظيف للبدون ، وهذه قد تصلح لأن تكون كذبة إبريل يا أستاذ ولكنها لا تصلح لأن تطرح في سبتمبر !!
أما تسميتك للحقوق بامتيازات فهذه بحد ذاتها طامّة لا نحبذها من اعلامي قدير لطالما دافع عن حقوق الشعوب العربية ، وأما حق التوظيف فأنت تعلم يا أستاذ بأنه من المستحيل فعل ذلك بل هو أحد أسباب تأخر تجنيس البدون ظلما وحسدا بجانب الحق في السكن فسمّ الأمور بأسمائها وكن أكثر وضوحا فأنت تشغل منصبا إعلاميا لا سياسيا .
6 – تقييمك لدور الجهاز المركزي ومن قبله اللجنتين المركزية والتنفيذية في تقليص عدد البدون دون التطرق لكيفية التقليص والظلم الواقع عليهم في تلك الفترة والجوازات المزورة التي كانوا يجبرون على استخراجها وأخذهم بالشبهة بل بالاسم أحيانا فكم من رجل اسمه صدام أجبر على تعديل وضعه بسبب اسمه ناهيك عن كاظم وقاطع ولفتة ، وكأن الأسماء أصبحت هي الفيصل في الحكم على الناس .
7 – تكلمت كثيرا عن البدون وعن وجود غير مستحقين ومزورين ولم تدع في هذا المحور شيئا إلا وقلته ، وحين سألت عن المعيار الحقيقي للتجنيس رميت الكرة في ملعب مجلس الوزراء !! فبالله عليك عن أي عمل تتحدثون وعن أي حل تتكلمون وأنتم لا تعرفون المعيار الحقيقي للتجنيس .
 
8 – دفاعك عن الجهاز المركزي الذي كررت غير ما مرة في الحلقة أن عمره خمسة اشهر فقط وجعلته بمعزل عن جرائم اللجنتين المركزية والتنفيذية قبله ، علماً بأنه لم يطرأ على الجهاز المركزي اي تغيير عن سابقتيه سوى في رأس الهرم وهو الفضالة وبعض الشخصيات بينما الضباط والمحققون الذين عاثوا فسادا في أرض البدون لم يتغيروا فكيف نصدق أنه سيكون خيرا من سابقتيه ؟! .
 
9 – لاحظت أنه طوال الحلقة كلما أصبح الحديث عن المستحقين قمت بتحويل دفة الحوار نحو غير المستحقين والمزورين وأصحاب القيود الأمنية وكأنك لا تريد حتى إظهار بعض الوجه الحسن لأبناء هذه الفئة وقمت بضرب أمثلة على تعديل البعض لأوضاعهم وذكرت الجنسية السودانية والباكستانية وقلت مجاوبا لأحد الأسئلة بأن كل الجناسي التي تخطر على بالكم موجودة !!
حدث العاقل بما يعقل يا أستاذ !!
10 – دفاعك عن القيود الأمنية وقولك بأنها مثبتة بوثائق تركها الجيش العراقي بعد هروبه مهزوما مدحورا ، ولم تتطرق لمحاسبة اصحاب تلك الوثائق ولا للسماح لهم بالتقاضي لإثبات براءتهم ولم تأخذوا بالحسبان كون البلد محتلا في ذلك الوقت ولا تعلم الأسباب التي دفعت البعض لتسجيل أسمائهم ، وهل الاسم وحده دليل كاف يا أستاذ ؟! م أن التعاون مع المحتل يشمل ما هو أكثر من وجود اسم في كشف ، وهل سيعامل بالمثل أعضاء الحكومة المؤقتة وتسحب جنسياتهم وتسجل عليهم قيود أمنية أم أنهم مغلوبون على أمرهم في حينه والبدون كانوا يملكون زمام الأمور في حينه ؟!
11 – تناولك لحالات شاذة ومحاولتك جعلها محورا للحديث وتعميمها على فئة البدون كموضوع الكاتب في عالم اليوم والذي يبدو أن لكم معه مشكلة شخصية وكموضوع الذين لا يوجد لهم سجل في الجهاز ولا أعلم لماذا تتلكم عنهم رغم أنهم خارج دائرة اختصاصك فأنت مختص بمن هو مسجل في جهازك فقط .
12 – ترديدك لعبارة ( شنو البديل للجهاز المركزي ؟ ) ماهو إلا سؤال نابع من إيمانك بعدم جدية الجهاز في حل المشكلة ، فقلها بصراحة .
13 – عدم تطرقك للجانب الإنساني بتاتاً علماً بأن هذا الجانب هو أكثر ما يجعل الآخرين يتعاطفون مع هذه القضية وما قول المقدم في الحلقة لك ( أنت والأستاذ صالح الفضالة لا تريدون أن نتطرق لهذا الأمر ) يقصد الانساني إلا دليل على أن الأمر متفق عليه .
 
14 – ترديدك لنقطة بيت الزكاة والصندوق الخيري وكأنك تريد من أبناء هذه الفئة أن يستسهلوا الاستجداء وسؤال الناس حتى ينطفئ في وجوههم نور الحياء ، رغم أن ما يطلبونه هو حق لهم ليس لأحد عليهم منّة إن أعطاهم إياه سواء حقهم في التعليم المجاني أو العلاج المجاني .
 
15 – قولك بأن الخطوة الأولى نحو الحل تكون بمعالجة أوضاع غير المستحقين وتأجيل المستحقين إلى ما بعد تلك الخطوة ، لهو من الأمور التي تدعو للضحك وأظنك أنت نفسك غير مقتنع بها ولكنها تملى عليك ، وهي أكبر إرهاصة على عدم الرغبة في حل القضية من قبل جهاز الفضالة .
 
وفي الختام ، أقول لك يا أستاذ صالح كما يقول الأخوة المصريون ماكانش العشم ياصالح ، فأنت قريب من هذه الفئة جاورتهم وعاشرتهم وبعضهم أبناء عمومتك ، فلا تخذلهم حين احتاجوا منك النصر فقد جاء في الحديث ( المسلم أخو المسلم لا يخذله …..) الحديث .
وإن كانت كلماتي قد أغضبتك يا أستاذ فاعلم أنها على الأقل قد وصلتك ولكن هناك الكثير من الكلمات والدعوات لم تصلك وأخشى أن تستجاب فيك .
وهذا بعض ما دار في خلدي مما رأيته يستحق الطرح في هذه المقالة وقد أهملت بعض ما أوافقك عليه فالمقام مقام انتقاد فقط بحسب طلبك والله أسأل أن أكون قد وفقت في طرحي ولك وافر التحية في الختام .
ختامها شعر :
جزى الله الشدائد كل خير
عرفت بها عدوي من صديقي