كَبَتُ الوالدة
علي الزعبي
تهرع إلى «كبت» أمك.. وكلك أمل في أن تجد فيه ما سينقلك إلى عالم «الأغنياء»، حيث القصور العامرة التي تعج سراديبها بسيارات «البورش، والفيراري، والفانتوم»، والتي يقف في وسط حدائقها الساحرة أشهر الفنانين العرب مع فرقة موسيقية يقودها مايسترو محترف، وتقف على أطرافها أجمل جميلات العالم من الجواري الحسناوات، وهناك، وعلى الطرف الآخر حيث حمام السباحة الفاخر، تصطف كل أنواع المشروبات والمأكولات، والتي وصلت للتو على طائرة خاصة من روما أو باريس أو لندن.
تركض نحو كبت أمك.. وكل هذه الأحلام الوردية، وكل هذه الأمنيات المخملية، تقفز من رأسك إلى رأسك وعلى رأسك!
تهرول بكل ما أوتيت من قوة، ولسان حالك يقول: «الجنة في كبت أمي»! فأنت، وإن كنت مفتونا بأمك، وتجلّها وتحترمها، فإن من شأن «كبتها» أن يجعلك «تقدّسها» أكثر وأكثر، ففي هذا الزمن الأغبر، أصبح «الكبت» هو مقياس الحب والاحترام والتقدير والولاء، والوصول إلى كرسي الأمة أيضا!.. (لا فرق بين كبت الأم.. وكبت الأمة.. فكلاهما يؤدي إلى روما).
تصل كبت أمك «وأنت تفح من التعب»، وعلى عُجالة، وخوفا من أن يلحق بك أحد أخوتك، تفتح الكبت بكل ما تملك من قوة لتجد، بدلا من ملايين الدنانير، «طيب 14 عماطوري»، دهان «أبو فاس»، فازلين غير معروف الصناعة ولكنه جيد لمحاربة «المشق»، «حلاو برميت» منتهي الصلاحية، مشط خشب، بفك (خاشته لأحفادها إذا سيروا عليها يوم الجمعة)، والبقية ملابس أحدثها تم شراؤه قبل عشرين عاما!
تعود بخُفّي حُنَين من «كبت أمك».. إلى واقعك الحقيقي.. حيث الأقساط والإيجار وطلبات المدارس التي لا تنتهي! تعود وأنت تلعن «الطبقية» التي فرّقت بين الناس في المسكن والمشرب والكبت!
أضف تعليق