كتاب سبر

نعمة الأمن

يمر العالم والشرق الأوسط خصوصا بمنعطف خطير ومرحلة حرجه جدا؛ سببها الثورات والانقلابات، فلا تكاد تهدأ الثورة في بلد حتى تشتعل في بلد أخرى، ولا تكاد تنطفئ الفتنة في بلد حتى تثور في بلد آخر! وكأن الفتن أقسمت ألا تريح الشعوب العربية.
والناظر في حال هذه الشعوب لا يخفى عليه سبب الثورات؛ فهذه الشعوب قبعت عقود متتالية من الزمن تحت أنظمة ديكتاتورية استبدادية استعبدت عباد الله واستأثرت بثروات البلد؛ لذلك كانت نتيجة هذا الطغيان هو هذه الثورات، فالكبت يولد الانفجار والظلم دائما مآلاته وخيمة على أصحابه، والله عز وجل يمهل الظالم فإذا أخذه لا يفلته.
أنا في هذا المقال لست بصدد التماس الأعذار للثوار؛ لأنني أتحفظ على مسألة المظاهرات والثورات، وأدلتي على ذلك من الكتاب والسنة كثيرة لست بصدد سردها.
أنا في هذا المقال أعجب لبعض المواطنين في دول الخليج وأتساءل لماذا المظاهرات في دول الخليج؟ والتي شهد لها القاصي والداني بكرامة عيش مواطنيها ورفاهيتهم، وعلى الأمن والرخاء الذي يعيشون فيه.
أنا شخصيا – ومن وجهة نظري الشخصية، والتي لا ألزمك فيها أيها القارئ الكريم – أرى أن غالبية الحراك والمظاهرات السياسة ما هي إلا مواكبة لموضة وجدت أصداء إعلامية زاخرة وتسليط الأضواء على أناس كان في عداد المجهولين، والبعض ينفذ أجندة تملى عليه من الخارج مع الأسف الشديد، والبعض قد يكون لديهم معاناة صادقة، ولكنها لا تستحق أن تعالج بمثل ما تعالج به الشعوب المقهورة معاناتها.
فنعمة الأمان في دول الخليج مما يغبطنا عليه المحب، ويحسدنا عليه المبغض، فلا بد علينا أن نحافظ على هذه النعمة وألا نجعل هذا الخير العظيم ينفلت من أيدينا؛ بسبب انفعالات عاطفية وأصوات نشاز جعلت صوت الشكوى أكبر من حجم المصيبة.
فالله عز وجل نوه بفضل هذه النعمة وذكر فيها أناسا، وهم قريش وما أشبه حالهم بحالنا؛ إذ قال عز وجل ((أولم يروا أنا جعلنا حرماً آمناً ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون )) فانظر يا رعاك الله، كيف أرشدهم الله عز وجل إلى التبصر بعظم هذه النعمة التي يتمتعون فيها مع حرمان من حولهم من الشعوب من هذه النعمة.
أفلا يحسن بنا أن نشكر هذه النعمة بالحفاظ عليها، وبعدم الانسياق خلف الأصوات النشاز والتي يصدق بها قول الخليفة الراشد ذي النورين عثمان بن عفان، إذ قال:”إن عاهة هذه النعمة وآفة هذا الخير طعانون عيابون طعنوا في أمرائهم وعلمائهم أمثال النعام يتبعون أول ناعق”.
فيا شباب الخليج، لا تمكنوا أعداءكم من رقابكم، واحمدوا الله على أمرائكم؛ فهم خير أمراء وحكام على هذه البسيطة، ولا نعلم من هو أفضل ولا أقرب منهم إلى شعوبهم، فالله الله يا إخوان.
والله إنها دعوة محب.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
تويتر:do5y