أقلامهم

حسن جوهر يكشف تخبطات المليفي ويقدم نصيحة

د. حسن عبدالله جوهر
نصيحة للمليفي!
شتان ما بين تفاعل الكثير من أعضاء مجلس الأمة مع كادر المعلمين من جهة والاعتصام الأخير لطلبة الثانوية من جهة  أخرى، على الرغم من كون الموضوعين يدخلان في صلب العملية التربوية، ولكن يبدو أن الفارق العمري بين الشريحتين هو معيار الفزعة والنشاط البرلماني!
وهذه المقدمة لا تعني على الإطلاق تزحزح موقفنا من حقوق المعلمين وكادرهم الذي سيرى النور بإذن الله في القريب العاجل، ولكن من باب أن المنظومة التعليمية كل لا يتجزأ، والطالب في هذه المنظومة هو العصب وهو البذرة التي ينتظر الجميع ثمرتها لاحقاً. والغريب أننا لم نجد ذلك الحماس المتواصل من جمعية المعلمين، ولم نسمع عن رأيها في نظام الدرجات الجديد الذي سيخلق ارتباكاً شديداً للمعلمين أنفسهم، والإدارات المدرسية قبل الطلبة وأولياء أمورهم، خصوصاً أنهم أهل الميدان وبهم تقاس مؤشرات المسيرة التعليمية ونتائجها.
عموماً، يجب أن نحذر الوزير المليفي من مغبة آثار القرار الوزاري في جملة من الشؤون التربوية؛ باعتباره المسؤول الأول عن هذه الوزارة، وفي عنقه أمانة الآلاف من الطلبة، بل جزء مهم من مستقبل الكويت. ونقول للوزير إن من حق الوزارة وبشكل أصيل إعادة النظر في شأن التحصيل العلمي ومعايير تقييم الطلبة ونظام الامتحانات والمناهج التربوية، خصوصاً إذا ما واكبت مثل هذه التعديلات المعايير النمطية الموازية لتجارب الدول الناجحة تعليمياً، ولكن يا «أبا أنس» إن وزارة التربية ارتكبت إحدى المهازل ذات الآثار الوخيمة للأسباب الموضوعية التالية، ولك الحق في مراجعتها والتأكد منها:
أولاً، الإصلاح في المرفق التربوي وتطويره يجب أن يكون من القاعدة وليس من أعلى قمة الهرم، وهذا ما أكدته أنت شخصياً ومراراً، فكيف تقفز الوزارة وبهذا الشكل المفاجئ إلى السنوات الأخيرة في المرحلة الدراسية لتباشر الإصلاح على عقول ربيت لفترة من الزمن وفق منهج آخر، أما إذا كان القصد من تغيير أوزان التقييم في الدرجات عدم تكرار مشكلة القبول في الجامعة، فهذه كارثة ولا يتحقق المرجو منها؛ أولاً للزيادة العددية في أعداد خريجي هذا العام، وثانياً لأن المخرجات القادمة ستستوفي شروط القبول الجامعي وإن انخفضت بعض الشيء.
ثانياً، بإجراء مسح سريع لأهل الميدان والمناطق التعليمية يبدو أن الأغلبية الساحقة لا تؤيد مثل هذه القرارات المفاجئة التي أعلن عنها بعد شهر واحد من بدء الدراسة، وهنا تكمن المصيبة الأخرى في زعم الوزارة أن قراراتها متوافقة مع أهل الميدان، الأمر الذي يضع الوزير شخصياً بين المطرقة والسندان، وأود أن أذكرك يا «أبا أنس» بتجربة النظام الموحد قبل سنوات عدة، والذي لم يفهمه الطلبة ولا المدرسون ولا الموجهون حتى نهاية العام الدراسي، وكانت النتيجة أن تقوم الوزارة بالتلاعب بالدرجات النهائية، وتضخيمها للإعلان عن نجاح التجربة.
ثالثاً، هذه القرارات تصطدم تماماً مع فلسفتك يا معالي الوزير عند تبنيك نظام البونص، وجعل المعلم فيه محوراً رئيسياً، فكيف يمكن بهذه البساطة والسرعة إلغاء دور المعلم تماماً من نظام التقييم والمتابعة اليومية للطالب خصوصاً في المرحلة الثانوية؟
رابعاً وأخيراً، في عام 2009 كنت وبلا فضل ولا منّة أول من أعلن تسريب امتحانات الثانوية العامة وسنوات النقل، ومن كشف المطابع التجارية التي تقوم ببيع الامتحانات، وقد تجاوبت الوزارة وقتها واعتمدت المطبعة السرية كمرجعية واحدة لطباعة الامتحانات النهائية والمناطق التعليمية كمصنع الاختبارات الفصلية، وقرار اليوم بنقل اختصاصات وضع الامتحانات إلى المدارس ستكون تجربة خطرة مع تقديرنا للإدارات المدرسية، ولكن بالتأكيد ستكون هناك اختراقات وتجاوزات تهدد مبدأ العدالة في التقييم الطلابي.
وخلاصة القول كان يفترض بدل عنتريات الوزارة وتحدي الطلبة وتهديدهم أن تقوم بدراسة أي نظام جديد سواء للمناهج أو للتقييم وبمشاركة حقيقية من أهل الميدان، والإعلان عن تطبيقها في وقت مبكر بدلاً من وضع الوزارة والمدارس والبلد في حالة هرج ومرج لاجتهادات أجزم أنها فردية وانتقائية!