آراؤهم

وألغيت حصة النشاط…

لا أدري إلى أين تسير بنا وزارة التربية حينما قدرت بَعْدَ نظر وتأمل إلغاء حصة النشاط المدرسي! (إنه فكَّر وقدّر فقتل كيف قدر) لماذا غض صاحب القرار طرفه عن قيمة هذه الحصة وأثرها على شخصية الطالب على المدى القريب والبعيد؟ ولماذا لم تقم الوزارة بتوعية ولي الأمر بأهمية النشاط بالنسبة لأبنائه، وهي قادرة على ذلك بلا شك بما تملكه من إمكانات مادية وبشرية، بل حتى إقرار الحصة منذ البداية جاء سريعا بما يحمله من تبعات وردود فعل متوقعة من شريحة ليست بالقليلة، وللأسف.     
من المعلمين من اعتادوا على تسيير أمورهم؛ بالبركة حينا وبالمحسوبية أحيانا، لقد أثبتت الدراسات التي أجريت على قطاعات عريضة في الجانب التربوي أهمية تلك الأنشطة المدرسية أو ما يسمى باللاصفية؛ ففيها تتفتق مواهب الطلبة وتبرز الكثير من قدراتهم وإمكاناتهم عبر مجالات الاهتمام العلمية والأدبية وغيرها، كما أن من خلالها يتعلم الطالب مهارات العمل الجماعي ويدخل في مواقف تتضح فيها معالم شخصيته في القيادة؛ ليقوم ولي الأمر بعد ذلك بسقيها ورعايتها من خلال تهيئة الأجواء، ودعم تلك الاهتمامات بوسائل عديدة يعرفها جيدا المختصون، وليس هذا مجال سردها.
 إن مالا يعرفه الكثيرون ربما أن العديد من القياديين والبارزين في مجتمعنا ومجتمعات أخرى هم نتاج الأنشطة المدرسية أو تلك التي تمارس خارج أسوار الفصل الدراسي بتنظيم من المدرسة. لم تراع الوزارة كل ذلك وأصغت فقط لتلك الأصوات المنادية بإلغائها عبر إعادة النظر في قرارها.
 أقول هذا وقد عشت بفضل الله تلك التجربة، أعني الأنشطة المدرسية بكل تفاصيلها، بل لاأزال أذكر تلك الحادثة تماما؛ يوم أن خرج الطلاب من الفصول ليختاروا طوعا أوكرها أي فصل آخر غير فصلهم؛ حيث هناك مجموعة من الطلبة المختلفي الأعمار، وقد جمعهم همٌ واحد هو ذلك النشاط، وجهلا منا وقد ناهزت أعمارنا التسع سنوات لم أكن أرغب في أن أنظم لأي من تلك الأنشطة، وظللت أهيم أنا ومجموعة من الطلبة بين تلك الفصول؛ نرغب في إضاعة الوقت إلى أن يحين موعد الانصراف، حتى وجدت نفسي أمام أحد المعلمين وقد لوح لي بعصهم يحاول أن يلزمني بالدخول لهذا الفصل أو ذاك، قلت له لا أريد، ولا أحب، قال لي: ليس باختيارك، حتى اضطررت تحت ضغطه أن أدخل فصلا، وإذ بمعلم اللغة العربية وقد عرفني، فقال لي هل أنت معنا؟ رددت بابتسامة صفراء: يبدو ذلك وقد كانت تلك بدايتي في التعرف على المجال الإعلامي والصحفي بوجه خاص ومنذ ذلك الحين وأنا أتنقل عبر مختلف الأنشطة وقد نلت من ذلك الخير العميم والفضل لله وحده، ثم لتلك القيادات التربوية في الوزارة التي أدركت بحق أهمية النشاط بالنسبة للطالب.  
ترى هل كان يدور بخلد ذلك المعلم صاحب العصا أن نشاط الصحافة التابع لقسم اللغة العربية سينتهي بهذا الطالب لأن يدخل مجال التأليف؟! الآن فقط أدركت أننا نسير في طريق التنمية، ولكنها تنمية من نوع خاص! 
صالح الشمري 
كاتب ومؤلف 
@salehcmcحسابي في تويتر