كتاب سبر

“جريمة تويتر”

جلس أمامي على نفس الطاولة ومن حولنا منظر أخاذ.
صوت الماء والشلال مع زقزقة العصافير، و”ديكور” يكاد أن ينطق جمال ألوانه وتنسيقه، مكان جمع حرفية التصميم وجمال الطبيعة.
قال: هل تتذكر تلك الأيام، يالها من أيام جميلة، رغم بساطتها. الأحوال مستقرة نسبيا والنفوس مرتاحة والناس يجتمعون على  خير كثير ومحبة.
قلت: ما الذي ذكرك بها؟
قال : صوت العصافير ذكرني بالتغريد” تويتر”.
شخصت عيناه حينما سمعني أمد صوتي معبراً عن قدم ” تويتر”: يااااااااارجل، كدت أنسى التغريد وأيامه، ليالينا تطوي لحظاتنا حتى نكاد لانعرفها لبعدها وتنوع أحداثها.
وبدأنا نتبادل الذكريات…
قال: أتذكر فلان حينما طلب للتحقيق بسبب تغريداته!! وفلان بسبب آرائه؟ أتذكر كم القضايا التي رفعت تلك الأيام، إنه مارد التقنية!!
فقلت: أي مارد؟! بل كان عصفوراً.
فرد متعجباً: عصفور! هو مارد في وقته حجم التقنية اليوم بالنسبة للماضي، كالشمس التي لاتغطى بمنخل.
قلت: صدقت، هي الأيام لاتبقى على حال، فعلاً تجاوزت الجميع، ويبقى التعامل الراقي بين الطرفين أجمل وأروع.
فهز رأسه وهو يحتسي كوب الشاي موافقاً،
وأردف: دعنا نلتقي لاحقا، فابتسمت مؤكداً ومرحبا.
انتهي حديثنا، فضغطت على مفتاح الإقفال، ليتلاشى كل شيء من حولي ، ويختفي صديقي وتخرس الأصوات، وتختفي “الديكورات” والمناظر، فخرجت من غرفة المكتب تاركاً خلفي ذكريات في بدايات التقدم العلمي، لأنخرط في عالم يعج بالأسقام، ولاتجمّله قوة التقدم التكنولوجي، لايصلحه إلا قلب ٌسليم يصلح بصلاحه سائر الجسد، لينعكس على المجتمع بأسره مردداً قوله تعالى: 
، ” إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم”.