كتاب سبر

تجنيس الشيخين!!

قبل أيام قلائل حصل الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق والشيخ عبدالله السبت على الجنسية الكويتية التي أسأل الله العلي القدير أن يجعلها فأل خير لهما وأن يعينهما على رد الجميل لهذا البلد المعطاء الذي احتضنهما، ولست هنا بصدد مناقشة هل يستحق الشيخان الحصول على الجنسية أم أنهما لا يستحقان ذلك، مع اعترافي بأقدمية تواجدهما في البلد والتي ترجع إلى عام 1965 تقريباً، وبالنسب الذي يجمعهما بعوائل الكويت، وبكونهما أصحاب تأثير على العديد من الشباب المتدين ففتوى واحدة منهما قد تفعل ما تعجز عنه العديد من الخطب في ساحة الإرادة، كما أن الخدمات الجليلة التي قدماها للدعوة السلفية ولاسيما في بداية انتشارها في الكويت وتخريج العديد من الشباب طلبة العلم على يديهما بغض النظر عما انتقده كلٌّ منهما على الآخر أو ما انتقد عليهما جميعاً من أخطاء في طريقتهما ومنهجهما، فليس هذا بمجال الخوض فيها، لتعتبر شفيعا لهما من أجل الحصول على الجنسية دون وجود معارضة شعبية كبيرة كما حصل عند حصول آخرين عليها في السابق .
كما أنني أرفض المقارنة بين حصول الشيخين على الجنسية وبين حصول بعض الفنانين والمطربين عليها في السابق فشتان بين الأمرين، لكن ما يثير الدهشة والريبة في آن واحد معاً هو توقيت إعطاء الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق والشيخ عبدالله السبت الجنسية الكويتية، فالبلد على صفيح ساخن والأوضاع تغلي والتوتر يسود الأجواء على جميع الأصعدة، ورغم ذلك كله يظهر من بين هذا الركام قرار بتجنيس بعض الأفراد ممن يحملون جنسية دولة أخرى وليسوا من عديمي الجنسية ومن ضمنهم طبعاً الشيخان عبدالرحمن وعبدالله، وهذا يدعونا للعديد من التساؤلات التي وإن اخترنا ألا نطرحها بأنفسنا فإنها تطرح نفسها رغماً عنّا، قاتل الله الفضول!!
هل كان قرار منح الجنسية للشيخين عبدالرحمن وعبدالله كتثمين لمواقفهما المناهضة للاستجوابات المقدمة لسمو رئيس الوزراء باعتبار أن تلك الاستجوابات ستقود البلد إلى فتنة؟! مستذكرين ذلك البيان الذي أنزله الشيخ عبدالرحمن والمتضمن نصيحته للمستجوبين بسحب الاستجواب المقدم لسمو رئيس مجلس الوزراء، وهل قرار منح الشيخين عبدالرحمن وعبدالله الجنسية يعتبر مناورة حكومية من أجل استمالة قلوب بعض التيارات في البلد عن طريق كسب ودّ أصحاب التأثير فيهم وأن الشيخين عبدالرحمن وعبدالله عوملا معاملة المؤلفة قلوبهم بمنحهما الجنسية ؟! وهل سيقف الحال عند الشيخين عبدالرحمن وعبدالله أم لا بأس باستعمال نفس الأسلوب مع رموز أخرى ولطوائف أخرى أيضاً؟! وهل مثل هذا التجنيس يعتبر تجنيساً سياسياً أم لا؟! وإن لم يكن فماهو التجنيس السياسي؟! 
إنّ صدور مثل هذا القرار وفي مثل هذا التوقيت ليعطينا مؤشرا واضحا على أن الحكومة باتت تفكر في العديد من الحلول؛ لتقوية شوكتها، وباتت تحرص على احتواء العديد من أصحاب التيارات والمناهج الذين عرفت مدى تأثيرهم في الحياة السياسية، وإن كانت هذه المعرفة قد أتت متأخرة، ولكنها على أية حال خير للحكومة من ألا تأتي البتة، كما أنه يعطينا مؤشرا على أن الحكومة ستستخدم كل ما بجعبتها من أسلحة للوقوف ضد هدف المعارضة المنشود وهو إسقاط الحكومة عن طريق الشارع فالشيخ عبدالرحمن والشيخ عبدالله لهما من التأثير على الشباب المتدين بالتحديد الشيء الكثير.
وأمّا البدون فأعلم علم اليقين أن الخبر وقع عليهم كالصاعقة، ففي الوقت الذي ينتظرون فيه حل مشكلة تجنيسهم من بين ركام الحجج المتناثرة من نوعية: التجنيس أمر سيادي، والمحافظة على النسيج الاجتماعي، والوقوف ضد التجنيس السياسي، إلا أنهم يجدون أن الجنسية باتت تستعمل كوسيلة للمقايضة السياسية والتكسب السياسي، ويجدون أن من يتم منحهم الجنسية هم ممن لديهم جنسيات أخرى، فلا عجب أن يصيبهم الإحباط وأن يشعروا بخيبة أمل ولسان حالهم يقول: لقد حان للبدون أن يمدوا أقدامهم !!
منصور الغايب 
<mansoorm77@gmail.com>