محليات

فاشل من الناحية المالية والطبية
“الأطباء”: مشروع مستشفيات الضمان الصحي للوافدين بصيغته الحالية.. إساءة للكويت

حذرت نقابة الأطباء الكويتية من العواقب الوخيمة التي ستلحق بسمعة الكويت على المستوىين الإنساني والطبي نتيجة إقرار مشروع مستشفيات الضمان الصحي للوافدين بصيغته الحالية المعروضة من قبل وزير الصحة د. هلال الساير على مجلس الأمة.
 
 وقالت النقابة في بيان صحفي لها إن الصيغة الحالية لقانون مستشفيات الضمان لا ترقى بأن تشرع من دولة صادقت على اتفاقيات حقوق الإنسان لدى الجهات والمنظمات الدولية، لأن هذا القانون سيكون ذا ضرر كبير على سمعة الكويت إذا ما تم إقراره بهذه السرعة دون أي مبرر طبي أو مالي أو إنساني يمكن لوزير الصحة تفسيره للشعب الكويتي أو للجسم الطبي أو للمنظمات العالمية.
 ومع علمنا بأن أغلبية الشعب بعاني من تردي الأوضاع الصحية التي ازدادت سوءً مؤخرا، لكن ذلك لا يعطينا المبرر أو الحق بالتمييز العنصري أو الخدماتي المتمثل بمستشفيات الضمان الصحي تحت ذريعة أن الأوضاع الصحية متردية بسبب زيادة عدد الوافدين واستغلالهم لموارد الوزارة على حساب المواطنين.
 
وإذ نؤكد على أحقية المواطن الكويتي في الحصول على أفضل سبل الرعاية الطبية بالتشخيص والعلاج وإعطائه الأولية بهذه الرعاية التي كفلها له الدستور الكويتي، وذلك عن طريق إيجاد حلول جذرية لمشكلة ازدحام المرافق الصحية وضرورة منع استغلال الخدمات الطبية من قبل نسبة لا يستهان بها من الوافدين الذين يأتون للعلاج المجاني عبر “كروت الزيارة” وذلك من أجل الحصول على الأدوية والفحوصات الطبية وإجراء العمليات بأبخس الأثمان.
 
إلا أننا نؤكد بالوقت نفسه أن ذلك التحدي الذي نطمح لتقديمه للمواطن الكويتي لا يعطينا الحق بتصوير الوافد أنه السبب “الوحيد” لتردي الخدمات الطبية واستهلاك موارد الوزارة الطبية متناسين تقصير وزير الصحة وأفراد السلطة التشريعية بهذا الشأن.
ولذلك أصبح من الضروري التروي بمشروع مستشفيات الضمان لأن فشله سيترتب عليه نتائج مالية وطبية وإنسانية وخيمة على الدولة خصوصا مع وجود تجربة سابقة لوزارة الصحة فشلت فيها – وبجدارة – في تطبيق قانون التأمين الصحي على الوافدين الذي أقر في عام 1999، ونتج عنه عدم مقدرة الوزارة رد كامل المبالغ المدفوعة حتى يومنا هذا!
 فمشروع مستشفيات الضمان بصيغته الحالية فاشل من الناحية المالية كما وصفه تقرير الشال الذي صدر مؤخرا، كما انه فاشل طبيا لأن مهنة الطبابة تعتمد في طبيعتها على التنوع الطبي في تشخيص وعلاج الأمراض، وهو ما يميز المستشفيات الحكومية التي تتنوع فيها الجنسيات التي يتم معالجتها والتي تعطي الأطباء قدرة التعرف وتشخيص الأمراض المختلفة، ومن غير المقبول “مهنيا” أن يتم حصر المستشفيات الحكومية بأمراض معينة شائعة بين الكويتيين كالضغط والسكري، فهذا التقنين سيفقد الطبيب “حسه الإكلينيكي والمهني” بتشخيص باقي الأمراض “الغير كويتية”!
 وبالإضافة إلى الفشل المالي والطبي الذي يحمله هذا المشروع فإنه سيكون أيضا ذو ضرر إنساني كبير على الوافدين وسيطال سمعة الكويت بالمحافل الدولية كونه يؤصل مبدأ “التمييز العنصري” الذي انتهى منذ زمن بعيد، خصوصا وأن مستشفيات “الضمان الصحي” كما هو واضح للجميع ستكون في ظاهرها لتحسين الخدمات الصحية بينما واقعها يقول أنها ستكون ذات خدمات “تجارية بحته” تقدم للوافدين الذين لا يوجد لهم أي ضمان على مستويات الخدمة التي ستقدم لهم ونوعية الأدوية التي ستصرف في ظل زيادة سنوية لمبلغ التأمين السنوي المدفوع لجيوب الشركات المستفيدة من هذا “المشروع المليوني” الذي فشلت وزارة الصحة في تنفيذ شبيهه عام 1999، ذلك في ظل عدم وجود صيغة تأمينية صحية واضحة كالتي توجد في دول العالم المتقدم والتي تعطي المريض كامل الحق بالرعاية المثالية التي يستحقها نتيجة دفعه للتأمين الصحي بغض النظر عن جنسيته.
 كما أنه لابد من الإشارة هنا إلى أنه يجب التروي ودراسة المشروع مجددا قبل البدء فيه وصرف النظر عن السبب السياسي الذي يدفع لتحريك هذا المشروع “اللاانساني”، خصوصا وأن ازدحام المستشفيات وطول فترة انتظار المواعيد يمكن التغلب عليها بإنشاء مستشفيات جديدة من غير “الفصل العنصري”، إلى أن يتم وضع صيغة تأمينية صحية شاملة للوافدين تحفظ حقوقهم بالرعاية الصحية من ناحية ، ومن ناحية أخرى تحمي مدخرات الوطن من الضياع “هباء منثورا” بسبب فشل وزير الصحة في معالجة هذا الملف المتخم منذ سنوات طويلة.
 وختمت النقابة بيانها مشيرة إلى أن مستشفيات الضمان هي وسيلة “شعبية بحته” ينتهجها وزير الصحة الدكتور هلال الساير لكسب تأييد المواطنين وامتصاص غضب الشارع من تردي مستوى الخدمات الصحية، إضافة إلى أنها ستكون طريقة ممتازة لتغطية فشل “التعاقدات المليونية” التي ابرمها الساير مع الجامعات الأجنبية والتي لم تثمر عن شيء ملموس في تحسين مستويات الخدمة الصحية سوى تصريحات الصحف التي تنشر هذه التعاقدات بمئات الملايين من الدنانير التي ذهبت “هباء منثورا” في جيوب هذه المستشفيات الأجنبية دون أي عائد حقيقي يذكر!
 واستذكرت النقابة رعاية الساير للمشاريع الإنسانية التي دائما ما يفتتحها مثل “بيت عبدالله” و”كاتش”، وبالمقابل نراه “يناقض نفسه” بتأصيل مبدأ الفصل العنصري البعيد عن أبسط المشاعر الإنسانية من خلال دعم فكرة مستشفيات الضمان الصحي وتصريحه الأخير الذي أكد فيه ضرورة فصل الوافدين عن المواطنين بمراكز غسيل الكلى!