كتاب سبر

قريباً.. (الربيع الخليجي)!

أما قبل:
كَفانا الرَبيعُ العيسَ مِن بَرَكاتِهِ
                             فَجاءَتهُ لَم تَسمَع حُداءً سِوى الرَعدِ
                                                                    (المتنبي)
 في الوقت الذي يطرق به التاريخ أبواب جيرانه قائلاً:”نبي شوية بصل..وحبر” يستلف الحبر للمحابر؛ لكي يدون في سطور كتبه، تاريخ الشعوب التي تنتفض في وجه من ظلمها، والأمم التي تـُعلق الفأس في الأعناق، والمدن التي تكتب تاريخ من نور على شكل “خبر عاجل” أسفل شاشة العربية والجزيرة، تلك الأوطان التي علقت على أبواب مطاراتها للسائحين عبارة “الوطن مغلق للصيانة”، ليعبر التاريخ بعدها على دول الخليج العربي (ويصفق بالكفين ياسٍ على ياس) ويردد أنتم السابقون ونحن اللاحقون..!
 ومن ذا الذي يُلقي عليك بسهام اللوم أيها التاريخ، ونحن شعوب الخليج، الذي إذا عبر بنا رأل النعام لرفع رأسه إلى السماء قائلاَ (الحمد لله الذي فضلنا على كثير من خلقه)، ولو عبر بجوارنا طفل من الذين تـُكرمه الدولة براتب شهري منذ ولادته؛ لأنه طفل خارق للطبيعة، فقد استطاع أن ينجح بالخروج من رحم أمه.. لقال (سبحان من سخر لنا هذا)..!
 عمنا التاريخ.. حديثك معنا عن الحرية كحديث الأعمى الذي يصف ألوان الطيف الزاهية للأصم، فنحن قنابل منزوعة الفتيل، وإن انفجرنا يكون انفجارنا دوي قنابل صوتية فقط، فنحن ظاهرة صوتية والعذر من عبد الله القصيمي، شعوب “أكلة البسكويت” نتبع نصيحة ماري أنطوانيت لشعب فرنسا الذي أضرب عن أكل البسكويت وتركه لنا، فأصبحوا هم عالم أول وأصبحنا نحن مجرد زملاء لهم بالكون، طموح الفرد فينا طعام العيش لا كرامة العيش، فإن كان غيرنا ترسف أيديهم وأقدامهم في أصفاد الحديد، فنحن نقيد بأغلال الزيادات والرواتب، لو كان البوعزيزي مواطناً خليجياً لكان الآن يتحسس كرشة تحت التكييف، ويردد الآية الخليجية الشهيرة “أمن وأمان..الله لا يغير علينا”، فحتى الآن لا نعرف أن الحرية تاج على رؤوس الشرفاء, وأن العيش لمجرد تنفس الهواء، يصبح الهواء محذوف الهمزة في آخره ويوضع بدل منها النون، رحم الله الشبابي حين أنظم (والشَّعبُ بينهما قطيعٌ، ضَائعٌ/دُنياه دنيا مأكلٍ وشرابِ)..!
 هنا الخليج.. هنا الأبراج التي تفوق أبراج (ذَاتِ العِمَادِ) الأبراج العالية فوق الأرض والسجون الضيقة تحت الأرض، هنا لا تمنح براءة الاختراع للعالم بل تمنح براءة الأحكام للظالم، هنا مكافحة الشغب تسقط النقطة من حرف العين جوراً، هنا بلاد تنافس الروس فإن وصل كلاب الروس للقمر فلقد وصلت كلابنا وبلا فخر للمناصب الوزارية المرموقة، هنا صاحب المبادئ قابض على الجمر والمتخلي عنها قابض الثمن، هنا تكون منظمات حقوق الإنسان مثل قلم لماركة باهظة لا حبر يكتب فيه يوضع فقط للأناقة المُزيفة, ربما عندما يضمحل النفط يفر كل الغطارقة ونصلي نحن صلاة الاستسقاء النفطية..!
 لا يقترب منا ربيعك العربي قاب القوسين أو أدنى بفضل الله، فمن في المنامة هم حاملو لواء الدفاع عن المذهب السني في وجه مرعبتنا إيران؛ لأن كل من يواجه إيران نصنع منه بطلاً، وكأن صدام حسين لم يصارعهم لثمان السنين، وكان بطل في عيوننا وضحكنا معه (ضِحْكَ طِفْلَيْن معاً) ثم أضاع الطريق لتحرير القدس وتوقفت دباباته على أرض الكويت، وقطر حتى تصبح وزير خارجية فيها تحتاج إلى إتقان العبرية بطلاقة, وخذ عندك في أبو ظبي “عيسى” لم يُصلب ولم يقتل ولم يشتبه به حتى، ومسقط موطن الأحرار والمثقفين كل ما نعرفه عنهم أنهم “يطيرون بسعفه” ذلك لأن الإعلام عندهم رجس من عمل “الطغيان”، أما السعودية فإنه قيل سابقاً (النصيحة بجمل) ولم يُقال (الناصح بالمعتقل)، والقيادة للمرأة أمر جلل والقيادة السياسية أمر مُحلل, أما في الكويت فإنها جغرافياً “تقع” على الخليج العربي، وسياسياً “تقع” في عهد حكومة ناصر المحمد السابعة بمقياس ريختر وإنما الأعمال “بالشيكات”، يكفيك ظلم البدون فحدث ولا “فرج” فيهم ألف خد للبوعزيزي ولكن لا يملكون نقوداً لشراء الوقود لحرق ركام أجسادهم..!
 مولانا التاريخ تفضل من غير مطرود وتأبط ربيعك، ودعنا في بواكير الشتاء نستمتع بصكيك الأسنان برداً وخوفاً، لا نريدك لا أنت ولا ربيعك، فعند دخول وقت المَلْث يصبح الفجر كأنه قناديل تخشى عقارب الساعة بالدجى أن تقترب منه، أو تعال وجالسنا وحين يسألونك قل في فمي نفط، وتعلم التصفيق فهو عمل اليدين حين يتعب الفم من النفاق، وافهم أن منزل الأحرارالسجن ورغيف المنافقين الفتن، “وفي شنبي” إن قلت قول الشاعر (متى يجي في نجد بعض التغايير) أو ذكرت الربيع الخليجي.. لأشترين لك أطنانا من ملح “الوزان” لأنك يا صديقي سوف “تروح ملح”..!
صعلكة:

سوف يبقى باب النجار (مخلع)
حتى يصبح الرئيس (مخلوع)..!!

twitter:@abo3asamm   k.al.ajmi@hotmail.com