كتاب سبر

على هامش فضيحة!!

تأتي الفضائح تلو الفضائح فيصرخ القوم: “ياللهول” ويصرخ محبو “فارس عوض”: “ياربّااااااه” وكأنهم قد تفاجؤوا بأن البلد يعيش على كف “فضيحة”، نغمض أبصارنا لأمد غير محدود ولا نفتحها إلا على وميض فضيحة، فنبدأ بالصراخ والعويل، الفضائح وحدها هي التي توقظ ضمائرنا، فكل مخالفة للقانون وكل امتهان لكرامة إنسان لا ينتهي بفضيحة فهو لا يزعجنا، بل نودعه بعبارة “مخالفة تفوت ولا حدّ يموت”.
كان قدر “الميموني” – رحمه الله – أن يموت ليخبرنا أن خلف الأبواب المغلقة في غرف التحقيق أناساً تصرخ من هول التعذيب والتعسف في استعمال السلطة، ولو لم يمت “الميموني” – رحمه الله – لقلنا له : كل “تعذيب وأنت طيب” !!، وكان قدر تلك الفتاة أن يجدها “الوازع” وهو ممتلئ من الوازع الديني والأخلاقي لكي نعلم عن ممارسات لا أخلاقية ممن يتوقع منهم أن يكونوا هم من يحافظ على الأمن في البلد ، ولولا “الوازع” ذو الوازع لما فتحت الأعين ولما استيقظ النوّم ولما أصبح باب النجّار مخلّعا بل ضل موصداً بإحكام لكي لا نعلم ما وراءه ، وهانحن في انتظار فضائح قادمة علّها تكشف عن سوء إدارة أو عن وجود مظلومين في هذا البلد باتوا يرفعون أيديهم قائلين: ياربّ فضيحة… يارب فضيحة ، لأنهم علموا أن الفضائح وحدها هي من تجعل أصحاب القرار يلتفتون لهم، ففي بلدي يبقى الحال على ماهو عليه وعلى المتضرر أن يلجأ لـ “فضيحة” .
من المضحك والمثير للاستغراب معاً هو أن ننتظر وقوع الفضائح حتى نتحرك لمعرفة الخلل ومحاولة إصلاحه، العقلاء لا ينتظرون وقوع المشاكل حتى يبادروا بحلها، والعقلاء لا يجعلون من المشاكل الواقعة وسيلة للتكسب السياسي والمزايدة السياسية، والعقلاء لا يرقصون على جراحات الآخرين بل كل همهم أن يصلح الله البلاد والعباد …. وبلا فضائح !! ، والعقلاء يسارعون في تجهيز الدواء قبل الفلعة ، وغير العقلاء والمتكسبون هم من يسارعون في تجهيز العويل والصراخ بعد الفلعة.
ومن باب “الشيء بالشيء يذكر” فقد غرّد النائب الفاضل وليد الطبطبائي معلقا على “الفضيحة” فلم يوفق من وجهة نظري، وحبّذا لو تمهل أبو مساعد في بعض تغريداته التي تحسب عليه كنائب عن الأمة وراجعها جيدا قبل أن يرسلها، وهذا أمر مطلوب من كل مغرد لكنه يتأكد في من كان نائبا عن الأمة ، فارجاعه سبب ما حصل نتيجة (الحوبة) أمر يترتب عليه أمور منها تزكيته لنفسه ومن معه بأنهم من الصالحين الذين لهم حوبة والله يقول (فلاتزكوا أنفسكم) وحبذا لو كانت تلك الكلمة صدرت من غيره كتزكية له هو ومن معه من زملائه فالناس هم شهداء الله في أرضه ، كما أنه المفهوم المخالف لعبارته يتضمن التنقص من كل مظلوم لم يتبين أثر حوبته فيمن ظلمه ، فهل البدون– على سبيل المثال- الذين يعانون من الظلم جهارا نهارا ليس لهم حوبة؟! لاسيما وأن بعضهم من أصحاب العلم ومن المشايخ الفضلاء الذين نعلم من صلاحهم أكثر مما نعلم من صلاح أبي مساعد، وهل الوافدون الذين يتعرضون للظلم من بعض أرباب الأعمال وبما يشبه تجارة الرقيق ليس لهم حوبة وهم من تحقق في حقهم كثير من أمور استجابة الدعوة كالفقر والسفر والاغتراب وعدم الاكتراث بهم ؟! ، قليل من التروي وقليل من الحكمة قد يعصمان المرء من الزلل .
في الختام.. جنّبكم الله شر الفضائح ورزقكم خيرها فالفضائح في بلدي فيها خير وشر وخيرها أكبر من شرها!!