آراؤهم

“الغزو الصدامي ويوم الاعتداء علي الدستور”

لست بصدد مناقشة أسباب الغزو أو الاعتداء على الدستور، ولكنني أرغب في بحث دور شيوخ الأسرة السلبي في الحالتين.
 
لقد جاء الغزو العراقي كنتيجة حتمية لحالة الاحتقان السياسي في تلك الفترة وتعنت الحكومة والسلطة في ذلك الوقت؛ إذ تم تعطيل الدستور والدعوة لمجلس وطني ليس له طعم ولارائحة ولا لون وماكان من شيوخ الأسرة إلا مباركة هذا التوجة وقدموا الدعم اللازم لهذه التوجهات الحكومية على الرغم من تعسفها واغتيالها للدستور. 
كان نتيجة ذلك استفادة النظام العراقي من هذا الموقف واستثمار الغضب الشعبي لصالحه وقام باجتياح البلاد ولم يكن للأسرة ولا الحكومة أي دور في صد هذا الاجتياح أو التحذير منه وعلى العكس تماما فتلك القوة والتعنت من قبل الحكومة في مواجهة الشارع لم تكن بنفس التقدير تجاه الاجتياح، حيث حاولت الحكومة مهادنة صدام حسين وعدم استثارتة وتقديم كل ماهو ممكن في سبيل تخفيف غضب النظام العراقي قبل اجتياح الكويت.
وما أشبه اليوم بالبارحة، فشيوخ الأسرة لايزال موقفهم سلبيا تجاه الأحداث الحاصلة هذه الأيام والخوف كل الخوف أن نصل إلى نتائج مشابهة لما سبق، ولكن ليست من العراق هذه المرة.
 إن ممارسات الحكومة والجو العام المحتقن هذه الأيام ينذر بوجود شيء مشابه لما حصل في عام 1990، ولكن ليس من الخارج بشكل مباشرة هذه المرة. 
إن السياسة الحكومية وتعاملها مع الأحداث يوحي بأن هناك من يوجهها لمعاداة دول تعتبر عمق الدولة الاستراتيجي والإيحاء بأن الخير سوف يأتي من الشمال الشرقي. لقد عملت الحكومة ولازالت تعمل(بقصد أو بدون قصد) على شرخ وتقطيع النسيج الاجتماعي في الدولة والقيام بتقسيم الوطن إلى قطاعات لم يستفد منها إلا المتسلقون والطفيليون من أصحاب المصالح الضيقة على حساب كيان الدولة وأبناء الوطن. وما التعيينات الحكومية والخدمات والمناقصات الحكومية إلا أمثلة صارخة لهذا التوجه الحكومي الذي لن يخدمها في النهاية، بل وعلى العكس سيكون هذا هو معول الهدم. 
ولا أعتقد أن غالبية شيوخ الأسرة يؤمنون بهذا التوجه؛ لأن العاقل خصيم نفسه والحكيم من اعتبر بغيره.
 
إن الدول ليست بقالات او ملكيات خاصة ينعكس أثر ممارسات أصحابها عليها فقط. إن الإستعداء وتفضيل مجموعة على حساب باقي مجاميع الوطن له نتائج سلبية وإن طالت ردة الفعل بسبب الرخاء الإقتصادي وقدرة الحكومة على إمتصاص الغضب بالهبات المالية. 
 
إن الدول والحكومات تستمد شرعيتها ودرجات قبولها من الداخل؛ وإذ إن الكويت ليست نظاما برلمانيا قائما على تعددية حزبية كاملة، فالحكومة تستمد قبولها من الأسرة الحاكمة ومواطني الدولة، وفي حال الامتعاض والغضب الشعبي من أي حكومة فإن هذا يؤثر على رصيد الأسرة ويوسع الهوة بين الأسرة والشارع، وهذا في غير الصالح ويجعل التقارب محموم بتنازلات من الممكن أن يمتد أثرها إلى تقليل دور الأسرة في الحكم.
 
لذا يجب على شيوخ الأسرة اتخاذ موقف واضح؛ للضغط ليس بالضرورة بتغيير رئيس الوزراء فقط، ولكن لفتح قنوات اتصال إيجابية مع المطالب الشعبية؛ للوصول إلى حل يحفظ البلاد والعباد ويجنبها أي نتائج لن تكون بصالح هذه المطالبات ولا الأسرة وعندها لاينفع الندم.
على الأسرة أن تنتبه إلى أن الشرعية لايمكن الحصول عليها من خلال بيانات معلبة من شخصيات وشيوخ قبائل ليس لها أثر في النظام الدستوري والقانوني والاجتماعي والدولة المدنية. إن هذا السلوك ينم عن قلة وعي وإدراك بالأحداث والمتغيرات من حولنا. إن ولاء الناس في الدولة للأسرة والنظام العام وليس من خلال مجاميع وأفراد. لقد مارست الحكومات المتعاقبة هذا السلوك بشتى أنواعه و بدون جدوى على الرغم من أنها تمتلك كل أدوات التأثير. 
والآن يبقى لنا أن نتساءل لماذا حصلت كتلة المعارضة على تأييد من قبل شريحة واسعة من المواطنين على اختلاف مشاربهم وعلى الرغم من أنهم لايسيطرون على القرار ولا يملكون أيا من أدوات التأثير؟؟؟ 
بالمفهوم الواسع “الناس تبحث عن العدالة بشتى أشكالها ولا تطيق من يبحث عن المصالح الضيقة التي تضيع البلاد”.