آراؤهم

الدولة المدنية وشيوخ القبائل

في نشأة الدولة الحديثة صدر الدستور وأصبح هناك ثلاث سلطات ( قضائية وتشريعية وتنفيذية). ومن أجل تعزيز الانتماء للدولة، وإيجاد دولة مدنية قامت الدولة بصهر المجتمع مع بعضه البعض من خلال برامج الإسكان والتعليم والتوظيف، ومن هنا كانت البداية لمجتمع مدني تختفي فية القبيلة والطائفة.
لكن الحكومة ونتيجة للسقف المرتفع للديموقراطية وعدم قدرتها على المواجهة المباشرة تتراجع عن هذا التوجه كلما اختنق المشهد السياسى، وتتجه إلي تعزيز الانتماء للقبيلة والطائفة؛ لتحقيق نجاحات علي المدى القصير المنظور.
ومن أجل ذلك تجد الحكومة ضالتها فى شيوخ قبائل ووجهاء فاقدين الشرعية الدستورية للقفز علي الدستور؛ وحيث تلتقي مصالح الحكومة مع شيوخ يرغبون في الحصول علي مكتسبات على المدى القصير أصبح لدى شيوخ القبائل قابلية في عمل أي شىء من أجل تغيير الواقع الذى وضعوا فيه في الدولة المدنية. 
تاريخياً كان لشيوخ القبائل دور في رفع المظالم والسعي في تقريب وجهات النظر بين المتخاصمين، ولم يكونوا علي الإطلاق دعاة فرقة مما عزز دورهم الاجتماعي، ورفع من شأنهم بين قبائلهم؛ لذا ماكان يجب على شيوخ القبائل أن ينسفوا تاريخ أجدادهم، ويقللوا من شأن أبناء قبائلهم في كل خلاف بين الشارع والحكومة. حيث كان يجب عليهم أن ينؤون بأنفسهم عن هذه اللعبة السياسية المكشوفة لديهم قبل الآخرين.
إن البحث عن المجد لن يعود من خلال الوقوف مع كسر القانون وهيبة الدولة. إن قيام شيوخ القبائل بأدوار لتجاوز الدستور والقانون يضر بالدرجة الأولى فى مكانتهم الإجتماعية ويقلل من التقدير لهم بين أبناء قبائلهم. 
أما من جانب الحكومة فبهذا المنهج فإنها إيحاءً تتعمد التقليل من شأن أبناء القبائل من خلال الالتقاء بشيوخ القبائل وإيصال رسالة مفادها ان شرعيتهم من خلال شيوخهم، وليس من خلال ممثلي دوائرهم في مجلس الأمة أو من خلال الحكومة.
وهذا التوجه الحكومى يجعل أبناء القبائل مواطنين من درجة ثانية وكأن القبيلة مازالت في الصحراء يحكمها العرف القبلى وليس القانون والدستور. 
إن شيوخ القبائل لم يحصلوا على شرعية تمثيل دوائرهم والتي غالبيتها من ابناء قبائلهم و المراقب لأوضاع شيوخ القبائل منذ 1991 يكتشف أنهم لم يتمكنوا من ايجاد قبول لهم بين ابناء قبائلهم بالإنتخابات. لذا فتوجه الحكومة لمثل هذا السلوك هو وهم يقود إلى هذيان يؤدى إلى قراءة الساحة السياسية من منظور مغاير للحقيقة. 
إن الشرعية للحكومة والأسرة تستمد من الدستور ومن الشعب الذي ارتضى بهذا الدستور وما دون ذلك يعتبر تقليل من هذه المكتسبات للحكومة والأسرة و تسفية للدستور والمواطنة.
على الحكومة السعى للحصول على قبول شعبى من خلال برامج تنموية عادلة وصادقة تؤمن بها الحكومة قبل غيرها وتدعمها السلطة وأسرة الحكم. عليها ايضا توظيف العوائد النفطية في تنمية حقيقية يكون محورها المواطن الكويتى وأساسها المصداقية والعدل وليس تنمية أسمنتية مشبوهة غرضها الإعلام وهدفها الهدر المالى.
 المواطنة الحقيقية وتعزيزها لايمكن أن يكون بولاءات سياسية واستقطابات، إنما يتم من خلال تكافؤ الفرص بين المواطنين وفتح الأبواب الموصودة والنزول إلى الشارع مباشرة وليس من خلال أطراف لها مصالح.