صدق المشاعر للشاعر!!

تواطؤ القلب مع اللسان حال الكلام له أثر بليغ وملاحظ على قوة الكلام وأثره في نفوس المستمعين، سواء على مستوى الخطابة أو الكتابة أو قرض الشعر، والتكلف والتصدي لهذه الأمور باللسان فقط دون شعور ينبع من القلب له آثار سيئة على صدى المنتج الأدبي، ونحن بما أننا صفحة تهتم بالشعر الشعبي سنكتفي بالكلام عن نظم القصيدة!!!

مع الأسف الشديد نرى اليوم انفتاحا إعلاميا رهيبا -غير مسبوق- واهتماما كبيرا بالشعر الشعبي لم يستثمر كما ينبغي، ووجه نحو الاهتمام بالكم دون الكيف وبغزارة الانتاج دون مراعاة الجودة!!!، فظهر لدينا آلاف الشعراء وملايين القصائد لم نرَ لها أي تأثير على شعور المتلقي؛ لخلوها من صدق المشاعر، ونحن لا نعتب على هذه القنوات بقدر عتبنا على الشعراء، فالقنوات مع الأسف غيرت مسارها من الاهتمام بالثروة الأدبية إلى الاهتمام بالثروة المادية!!!

فالشاعر الذي يحترم نفسه قبل جمهوره لا يقدم على كتابة القصيدة إذا لم تكن طقوس الكتابة مؤاتية، والشعور موافق ومتجه مع موضوع القصيدة حتى لا تخرج القصيدة مشوهة وفاترة العواطف، فأجمل الشعر هو التصوير الحقيقي  لمكنونات النفس، يقول الأديب المنفلوطي:(لذلك كان أغزل الغزل عندي غزل العاشقين، وأفضل الرثاء رثاء الثاكلين، وأشرف المدح مدح الشاكرين، وخير العظات عظات المخلصين، وأجمل البكاء بكاء المنكوبين، وأحسن الهجاء هجاء الصادقين، وأبرع الوصف وصف الرائين المشاهدين)).

وعندما سأل أحد الصالحين أحد أبنائه: يا أبتي لماذا إذا وعظت الناس بكوا وإذا وعظ غيرك لم يؤثر فيهم ؟؟؟؟ فأجابه: يا بني النائحة الثكلى ليست كالنائحة المستأجرة))، أي إن التي تبكي لفقد ولدها صادقة في بكائها؛ لاحتراق عاطفتها، ليست كالتي أعطيت نقودا، وقيل لها ابكي، فهذه لو بكت لو تبكي عن صدق عاطفة!!!، والناس قديما قالوا: ما خرج من القلب دخل القلب، وما خرج من اللسان لم يجاوز الآذان!!!

ولذلك تجد الشاعر الذي يراعي أوقات ظروف القصيدة يكتب بمشاعر صادقة، وليس بالضرورة أن يكون الشاعر قادرا على الكتابة كلما أراد، فهذا الفرزدق لا يختلف اثنان على شاعريته يقول: (إنه لتمر بي أيام وقلع ضرس أهون علي من كتابة بيت!!!)

نصيحة للشعراء، إذا لم تكن مشاعركم جياشة وموافقة لموضوع القصيدة، فلا تكتبوا ولكم في الخليل بن أحمد الفراهيدي قدوة حسنة عندما سئل: لماذا لا تنظم الشعر؟؟؟؟؟ فقال: يأباني جيده وآبى رديئه!!!!!!