كتاب سبر

شهيق الناخب وزفير المرشح

ذات مرسوم قرار الحل.. وذات الدعوة لإجراء الانتخابات، وذات أعضاء البرلمان المنحل.. “تقريباً”، وذات الذين رشحوا أنفسهم في المرة المنصرمة.. تقريباً، ذات الشعارات.. تقريباً، ذات اللافتات.. تقريباً، ذات الوعود وسنجني ذات الجحود.. تقريباً!
ذات المقار الانتخابية تقريباً.. ذات المقاعد.. ذات الحضور.. ذات الندوات.. ذات البوفيهات.. وربما ذات العامل البنغالي الذي يدور بالقهوة والشاي على الجمهور.. تقريباً، ونحن:
ذات الأشخاص… تقريباً،
ذات الانتماءات التي قادتنا في المرات السابقة..تقريباً،
ذات النعرات والعصبيات التي شحنتنا في السيناريوهات الماضية.. تقريباً،
ذات السجالات.. وذات الاتهامات..
ذات المشاجرات.. وذات المحاورات..
وذات الآمال والأحلام.. تقريباً، نحن أنفسنا تقريباً.. والذين ذقنا ذات الخيبات، وذات عمليات النكث بالوعود من ذات الأشخاص تقريباً.
المشكلة أننا لا نملك ذاكرة تاريخية تقريباً.. ونقع في ذات الأخطاء تماماً، فمن الآن وصاعداً سوف تكبر الجنازات، وتُصفى الحسابات، ويكثر المعزون والموتورون، وستتناثر موائد الطعام على أبواب بيوت العزاء (رغم الغلاء الفاحش)، وبالمقابل تتحول الأفراح إلى كرنفالات يشارك بها غير المدعوين أيضاً، وتتكرر الدعوات على المآدب، ويصبح بالإمكان ما لم يكن ممكناً، ويتم ترويض المطالب بالوعود الإصلاحية و(المصلحجية) المطنطنة إلى حين وصول سعادة السيناتور القديم-الجديد، الجديد-القديم، إلى قبة الكونغرس.
من الآن فصاعداً يبدأ التنافس والتنافر، والصداقات والعداوات، وتنقسم القبائل والعوائل، والطوائف والملل والمذاهب، والضواحي والأحياء، والمنازل والدُور أيضاً، فنحن مجتمع الذاكرة المثقوبة، ونحن من نلدغ من الجحر الواحد آلاف المرات، ونحن الذين نأكل الـ (خمسون كفاً) على غفلةٍ منا… ورغم ذلك، فسوف نقع في ذات الأخطاء، ثم نشرع في التبرم من النواب ونتهمهم بأنهم قد (قبضوا) بنا، وننسى أننا نحن من صنعهم وأوصلهم إلى قبة البرلمان، ننسى أننا انتخبنا الأقرب على حساب الأكفأ، ننسى أننا انتخبنا من يعد بحل مشاكلنا الشخصية على حساب مرشحي الوطن، ننسى أننا مضينا على دروب قاعدة: (أطعم الفم تكسر العين وتضمن الصوت)، ننسى أننا نحن وليس غيرنا من أجرم بحق نفسه ووطنه، في ظل عدم وجود برامج سياسية واضحة، وصادقة، ننتخب على أساسها، هذا ما كان، وهذا ما سوف يكون من الآن فصاعداً.. بالذات!
FaisalBnOmer@