كتاب سبر

الذيول والأذناب

يتحدث داروين في كتابه (سلالة الإنسان) الذي أصدره بعد كتابه الشهير (أصل الأنواع) الذي غيّر وجه العالم حسب تصور المؤمنين بأطروحاته الغربية والغريبة في ذات الوقت، ما معناه: أن الإنسان وفقاً لمراحل التطور والبقاء للأصلح والانتقاء الطبيعي، كان قد فقد الذيل مقابل دماغ أكبر، ورأس أكثر تناسقاً وقامة منتصبة تماماً، بينما لا تزال القرود بحاجة إلى الذيل من أجل التوازن والنطنطة من غصن لآخر.
الأغرب من ذلك، أن جميع نظريات التطور الداروينية، قد فشلت في تفسير كيف أن الإنسان الذي خسر الذيل استجابة لعمليات التطور الطبيعي، إذ لا يزال الإنسان العربي بحاجة إلى الذيل ليقوم بممارسة التذيّل لشخص أعلى منه مرتبة، حتى يعيش ويرتقي ويحصل على مبتغاه وغاياته اللا متناهية.
 
عام 884 م، أي قبل أكثر من ألف عام، على نجاح تجربة الأخوين رايت في مجال الطيران الشراعي، كان هناك شخصية عربية مسلمة قدم نفسه كأُضحية على محراب المحاولات الإنسانية للطيران، في سبيل الممارسة الحقيقية على أرض الواقع والحقيقة.
هو الأندلسي، عباس بن فرناس، الذي صنع لنفسه أجنحةً عملاقة، ثم ارتقى بكل شجاعة معتلياً الرصافة في ظاهر قرطبة، وفرد أجنحته الاصطناعية.. وقفز.. فحلّق الرجل سابحاً بالفضاء، كالنسر لدقائق معدودة، وبعدها.. فقد السيطرة..فهوى… ثم مات!
وهكذا، ومن أجل حفنة من الدقائق، يقضيها محلقاً في الفضاء، مطلاً على الأرض؛ حيث تبدو له الكائنات والأشياء أصغر، من أجل هذه اللحظة التاريخية، لم ينتظر القدر هذا الرجل ليهرم؛ لأنه ومن أجل العلم والطموح البشري، لاقى حتفه في الخمسة والستين من عُمره!
وبعد الفحص الدقيق والاستقراء، اكتشف العلماء أن المرحوم بن فرناس نسي – أو تناسى، أن يصنع لنفسه ذيلاً حتى يستطيع الحفاظ على التوازن، ويهبط على الأرض بسلام، تخيلوا لو وضع جدنا عباس لنفسه ذيلاً، لكنا نحن العرب، أول من حقق فكرة الطائر البشري، ولكنا منذ ذلك الوقت، سادة العالم وأسياده، ولكانت حاملات الطائرات التي تحتل بحور العالم ومحيطاته حتى اللحظة، عربية إسلامية، وليست أمريكية من نسل الأخوين رايت. 
لكن ومن أجل الحقيقة والواقع، فإن الحاجة للذيل لغايات هز الذنب، إذا استثنينا قصة الطيران واعتبرناها مجرد مدخل للموضوع، سنجد أن المجتمعات العربية ظلت سداً منيعاً وعائقاً رئيسياً أمام صحة نظرية داروين المتعقلة بـ (بالذيل الإنساني) فنظرية الذيل والأذناب تتلاشى تقريباً عند الشعوب الأكثر رقياً وتقدماً، بينما تزداد وتتكشف عند الشعوب الأقل رقياً (شروانا)، بمعنى أن هذه الحاجة الذيلية والتذللية تتناسب عكسياً مع مستوى الرقي والتقدم في المجال الإنساني!
فيصل عمر الهاجري
‏FaisalBnOmer@