آراؤهم

كيف يكون الشعب الكويتي… “شعباً مسؤولاً”؟

بالرغم من إيماننا الكامل بأن الأزمة تكمن في “دستور أعوج” يعطي الحكومة نفوذاً يمكنها من التدخل في شؤون القضاء عبر بوابة وزارة العدل، والتدخل أيضاً في شؤون السلطة التشريعية عبر التصويت في مجلس الأمة، بالإضافة إلى تأثيرها الكبير على سيّر شؤون الانتخابات من خلال فتح بوابة المعاملات للمرشيحين الموالين لها حتى تتمكن من إيصالهم للبرلمان والسيطره على شؤون البلد بالأغلبية البرلمانية “المخترقة”، إلا أننا نؤمن بأن المعني الوحيد بحل هذه الازمة هو الشعب الكويتي لا شخص أو أسرة بعينها!
أوهام لا حلول:

يعيش بعض فئات الشعب الكويتي “وهم كبير” بأن ممارسته لبعض الاساليب “السيئة” في محاولته لحل مشاكل البلد، يدعمها المنطق والدين ، فتارة يقول أن الفرعيات “إنتخابات مصغرة” ويستشهد بقوله تعالى “أمرهم شورى بينهم” ، وتارة يقول أن الولاء والبراء يحتم علي أن أقف مع السلفي ضد الحدسي أو العكس ، محاولاً التشبث بأي دليل قد يريح ضميره لكي يواصل ممارسته لهذه الاعمال الغير أخلاقية ، التي لم تجني على الكويت إلا المصائب!
“الفرعيات” الصورة الحية للجاهلية الأولى:
لسنا بحاجة لقانون يجرم الفرعيات ، فهي مجرمة أخلاقاً وشرعاً قبل ذلك ، إنه حينما يلتف مجموعة من الناس حول شخص بدافع النسب والقرابة لا بدافع الصلاح والكفاءة فهذه هي الجاهلية بعينها، ولا يصح التحجج بأن هناك كفاءات قد وصلوا للبرلمان بالرغم من كونهم خريجين فرعيات، لأنه لن يجني الانسان أجر صدقةٍ من مالٍ كسبه بطريقة محرمه، وهذا هو حال نواب الفرعيات.
 إن اجتماع القبيلة يجب أن يدور في الفلك الإجتماعي فقط وفيما يخص شؤون القبيله لا شؤون البلاد ، وعلى سبيل المثال: أن يكون الإجتماع لأجل المشاركة في الأفراح أو الاحزان ، أو مساعدة شخص بحاجة لعلاج مُكلف أو سداد دين شخص مديون وهلم جرى ، لا أن تجتمع القبيلة من أجل ان تقرر أمراً يخص الشعب ككل ، لذا حرم أخلاقاً وديناً أن تسلب القبيلة حقاً يخص الشعب ككل بإسم الفرعية أو غيرها مغلقةً الطريق أمام وصول الكفاءات الوطنية.
الطائفة … “أبوي وأمي”!

ما لم يتم إشهار الأحزاب والقوائم المغلقة صاحبة التوجهات الفكرية والبرنامج الإنتخابي الواضح ، فإن التحزب “العنصري” لشخص بدافع الطائفة أمر منافي للعقل والدين ومحبة الوطن، حتى وإن إعترفنا أننا في الكويت لازال عملنا السياسي والتشريعي “بدائي”، بمعنى أننا لسنا في دولة خلافة إسلامية على منهاج الخلفاء الراشدين الحكم فيها لله وحدة والادارة للشعب ولسنا في دولة ديمقراطية الحكم فيها للشعب وحدة، كما أن دستورنا خليط غير متجانس من القوانين المتناقضة التي تركت المساحة الكبيره للمارسة الفساد الاداري والمالي، إلا أن الحد الأدنى من مسؤوليتنا هذه الايام يحتم علينا إيصال الكفاءات الذين بإستطاعتهم الوقوف على الأزمة الحقيقية التي تعيشها البلاد وتقديم التعديلات الدستورية التي ترتقي بالعمل السياسي بغض النظر عن انتماهم الطائفي أو غيره ما داموا إخواننا في الوطن!
الهروب ليس حلاً:

أن امتناع بعض أفراد الشعب من مواجهة معضلة بلاده وإكتفاءهم بإعادة ممارسة نفس الأساليب التي أوقعتهم في نفس المشاكل هم أفراد يحتاجون الى الإرتقاء بمستوى تفكيرهم وذلك بالأخذ بزمام المبادرة وإجاد طرق أخرى أكثر ذكاءً لكي تساهم في حل مشاكل بلادهم لا تضخيمها، لذلك وبحديثنا عن الشعب الكويتي فإن المشاركة في الفرعيات والانتخاب على أساس عرقي أو طائفي لهي أحد الاساليب التي تعيدنا لمربع المساومات الحكومية وتعطل عجلة التنمية.
الشعب المسؤول:

يجب ان نكون شعباً على قدر عالي من المسؤولية، وهذا لا يتحقق الا عندما نهدم أصنام القبيلة والطائفة التي تقف عثره في إنتخاب الكفاءة ، إننا حينما نخاف القبيلة والطافئة ولا نخاف رب القبيلة والطائفة لهو أمر في غاية الخطورة ويشكك في أحد أركان الإيمان، لذا فإن مخافة الله عز وجل تستلزم أن لا نخاف غيره ، بالإضافة الى إن حب الوطن الحقيقي يجعل من الانسان مواطناً شجاعاً يقدم مصالح وطنه على مصالحة الشخصية، وهذا لا يتحقق عملياً إلا عندما نتوقف عن إنتخاب مرشحين الفرعيات وأهل النفس الطائفي ، ليس عند هذا الحد فقط بل يجب أن نبادر بمحاربتهم علناً لنفتح المجال لوصول الكفاءات الوطنية.
الخطوة القادمة:

على الرغم من استياءنا الكبير من ممارسة القبائل فرعياتها هذه الايام وتردد أنباء عن حركة المال السياسي في بعض الدوائر إلا أن هناك موج شبابي كبير بمقدورة إغراق المفسدين من مرتشين وغيره وتنظيف البلاد من آثار الاساليب الانتخابية الغير أخلاقية من فرعيات وغيره، إن المسؤولية هذه الايام في محاربة الفساد بكافة أنواعه لا يجب أن لا يترك للحكومة التي لُدغنا منها كثيراً، إنما تقع معظمها على عاتق الشباب الحر الذي يجب ان يأخذ بالحسبان عدم السكون أمام أي تجاوز أو أي ظلم يمس شريحة من شرئح المجتمع بالإضافة الى نشر ثقافة “ضرورة إيصال الكفاءات الوطنية” الذين يحملون برامجاً إصلاحية واضحة تعالج مشاكل الكويت بصورة جذرية بعيداً عن حضن القبيلة والطائفة ومعاييرهما السيئة.
طلال عيد العتيبي
www.4talal.blogspot.com