كتاب سبر

المجلس العسكري.. عد إلى ثكناتك

ماذا يحدث يوم 25 يناير المقبل، في الذكرى الأولى للثورة؟ هل سنحتفل بتحقق أهداف الثورة التي هتف الملايين لها “عيش، حرية، عدالة اجتماعية”،  من المؤسف أن تكون الإجابة لا، فلا شيء من الأهداف السابقة تحقق.
مساء يوم 11 فبراير 2011 سلم الثوار، البلد إلى المجلس العسكري، قالوا له هذه أمانة لديك، لكن المجلس العسكري لم يحفظ الأمانة، كان بإمكانه خلال هذا العام أن يقود البلد إلى الأمام، كان بإمكانه أن يحرر مصر من بقايا فساد مبارك، كان بإمكانه أن يحوز على ثقة الناس، ويوحد صفوف التيارات السياسية، لكنه لم يفعل ذلك، بل أعاد الثورة إلى الخلف، ترك فلول النظام السابق يفعلون ما يريدون، ترك البلاد تعاني من انهيار اقتصاد، مبررا فشله بالمظاهرات.
المجلس العسكرى  أثبت كل يوم، طوال العام الماضي أنه ليست له علاقة لا بإدارة شؤون البلاد ولا بحكمها، أنه ليست له علاقة بالثورة، أنه لم يكن يوما حاميا للثورة..
 تخيل المجلس العسكرى وجنرالاته المعاشات أنهم ورثوا حكم مبارك بعد خلعه فى ثورة 25 يناير العظيمة.. ضاربين عرض الحائط بالثقة التى منحها لهم الشعب فى إدارة شؤون البلاد لمدة 6 أشهر فقط، يمكن خلالها وضع خارطة طريق صحيحة لتحقيق أهداف الثورة وتسليم السلطة إلى المدنيين.
 إلا أن المجلس العسكرى التف وناور وأدخلنا فى إشكاليات كثيرة ما بين الدستور أولا أو الانتخابات أولا.. ودخل فى تحالفات غريبة مع قوى منحها الشرعية على الرغم من مخالفتها القانون، ليظل أطول فترة ممكنة فى السلطة.. ويصل إلى اتفاق لبقائه أو تقاسم السلطة.
 وبدأ فى تنفيذ خطة لمحاربة الثورة والثوار.
 وبدأ فى تشويه الثوار وشباب الثورة وائتلاف شباب الثورة الأصلى.. ويشكل هو ائتلافات شبابية من شباب لم تكن لهم علاقة بالثورة.. ليطلق فى النهاية حملة غريبة ومريبة على ائتلاف الشباب الأصلى -الذى لم يستطع جنرالاته أن يجعله تابعا لهم- ويدعى أن هناك ائتلافات كثيرة وأن الشباب منقسم وذلك على الطريقة البليدة نفسها لجهاز أمن الدولة الساقط «المنحل» أيام حسنى مبارك وعصابته!
 واتهم شباب الثوار وشباب «6 أبريل» بالخيانة والعمالة، وعلى لسان أحد جنرالاته الرئيسيين.. وهى اتهامات مرسَلة.. واستخدم بعض رجال الإعلام فى الترويج لذلك.. وهو الإعلام نفسه الذى كان يروج لمبارك وعصابته وافتراءات أمن الدولة عن النشطاء والسياسيين بما فيها افتراءات على أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الذين أصبحوا كالعسل هذه الأيام على قلب المجلس العسكرى وجنرالاته المعاشات وتوابعه فى الإعلام!
 وبدأ فى تخويف المواطنين باستخدام العصا الغليظة فى فض الاعتصامات وبطريقة أعنف مما كان يجرى على يد عصابة حسنى مبارك.. فانتهك كل المعايير.. وكل الحقوق التى قامت من أجلها الثورة ضد نظام استبداد مبارك.. فضرب.. وانتهك الأعراض.. وعرى الفتيات.. واعتقل الشباب.. واستخدم الطوارئ.. وحاكم عسكريا.. واستخدم الغاز والخرطوش والمطاط والحى.. ودهس.. وقتل.. واستُشهد على يديه عشرات.
 حدث ذلك فى أحداث ماسبيرو.. وشارع محمد محمود.. ومجلس الوزراء.. وشارع قصر العينى.. كأنها الحرب بينه وبين الثوار، الذين منحوه ثقتهم فى الثورة.. ليفقدها تماما بعد أن ماطل وعطل ولف ودار.. وعاند كما كان يفعل حسنى مبارك بالضبط.. وللأسف الشديد يستعين المجلس العسكرى فى مواجهة الثوار.. بمنطق العباسية.. ويخرج مجموعة من أتباعه ومن فلول النظام المخلوع و«إحنا آسفين يا ريس» لتأييده!
 وتستمر انتهاكات المجلس العسكرى، وتصب هذه المرة على منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدنى، ويغلقها أو يحاول ذلك.. وللأسف الشديد يستخدم النيابة والقضاء فى ذلك تحت حجة التحقيق فى التمويل الأجنبى لهذه المنظمات.. على الرغم من أنه معروف أنها تفعل ذلك منذ إنشائها.. ولم يكن مبارك وعصابته يستطيعون أن يفعلوا ذلك.. كان يمكن أن يمارس التضييق عليهم، ويمنع إقامة مؤتمراتهم وورش عملهم فى القاعات العامة والفنادق، بأوامر أمن الدولة.. أما اقتحامها وإغلاقها حتى لو كان باستخدام النيابة، فلم يكن يفعل ذلك.. ليفضح جنرالات معاشات المجلس العسكرى أنفسهم فى التعامل مع المجتمع المدنى تحديدا.. وتركهم الجمعيات الدينية ترتع كما تشاء.. ولا أحد يقترب منها، على الرغم من أنهم يكشفون فى حواراتهم الخاصة عن تلقيهم مئات الملايين من الدولارات ومن دول معينة يعرفونها.
 وهم فى الوقت نفسه الذين منحوا تلك الجماعات تصريح العمل السياسى، وتشكيل أحزاب على الرغم من مخالفتهم القانون، بل إنهم تركوا جماعة الإخوان المسلمين بمكتب إرشادها يتصرف كأنه الذى يحكم البلاد، على الرغم من عدم شرعيتهم بعد تشكيل الإخوان حزبا سياسيا..
 فلماذا يستمرون فى انتهاكاتهم فى حق الشعب والثوار، الذين قاموا بالثورة ضد الاستبداد والفساد؟
 إنهم يريدون إجهاض الثورة.. بل والقضاء عليها، وليتقاسموا السلطة مع حلفائهم الجدد.
 يا أيها الذين فى المجلس العسكرى.. انتهاكاتكم مستمرة.. والثورة مستمرة.
يا أيها المجلس العسكري.. عد إلى ثكناتك.